تتطلع الأنظار العربية والإقليمية والعالمية باهتمام بالغ إلى مصر العربية، على اختلاف مواقف الداعمين والمؤيدين، والمعادين والمجافين لإرادة الشعب المصري، التي عبر عنها بصورة ملايينية لم ير العالم لها مثيلا في التاريخ الإنساني، بينما يوم الحسم الشعبي في الانتخابات الرئاسية المصرية يقترب..

فثلاثة أيام فقط تفصلنا عن بداية تصويت المصريين في الداخل، لإعلان الخيار الشعبي النهائي والحاسم بالصندوق يوم الإثنين المقبل، فيمن يقود المحروسة وفق الإرادة الشعبية، بالإيمان والأمان وبالعمل والأمل، في الطريق إلى المستقبل، وإعلان الخيار الواضح لجزء هام من الشعب المصري، لصالح المواطن المصري الأول المشير عبد الفتاح السيسي رئيسا للجمهورية، بنسبة تجاوزت تسعين في المئة.

والرسالة هنا واضحة الدلالات ومحددة الاتجاهات، من المصريين خارج الوطن على امتداد العالم، إلى كل من يهمه الأمر في الوطن وخارجه.. فهي أساسا رسالة إلى المصريين في مصر، بأن مشاركتهم الكثيفة وغير المسبوقة على الإطلاق، تعني أنهم وإن كانوا لا يعيشون في مصر إلا أن مصر تعيش فيهم، وأنهم يعايشون بقلوبهم الطيبة كل آمال شعب مصر، ويختارون بعقولهم الواعية المشير السيسي من أجل مصر.

وهي أيضا رسالة لكل من يجيد القراءة السياسية في عواصم المنطقة والعالم، بأن الغالبية الغلابة من الشعب المصري في الخارج، لا تقل وطنية عن الغالبية الغلابة من الشعب المصري في الداخل، وأنها تثبت لكل من يهمه الأمر، أنها متحدة الإرادة وعلى قلب رجل واحد اختارته بإرادتها الحرة، ثقة في جدارته بعد تجربة عملية لقدرته على حماية وتحقيق إرادتها بالأمس، ولإعادة بناء حاضرها اليوم وصنع تقدمها غدا.

وهي رسالة أيضا لكل المخادعين أصحاب الحسابات الخاطئة والقصيرة النظر أو المحدودة الأفق، ولكل أصحاب النوايا الطيبة المخدوعين بالصور المقلوبة والأخبار المكذوبة والتقارير المضروبة..

وهي أخيرا لكل من كان له عقل يدرك أو عين تبصر أو أذن تسمع، بأن ما حدث في مصر بداية من 25 يناير ونهاية بـ30 يونيو، هو ثورة شعبية وليست انقلابا عسكريا، وعكست إرادة التغيير بقرار وإرادة الشعب، وباستدعاء الشعب للجيش وليس العكس، وتلك هي الشرعية والديمقراطية الحقيقية. وهنا يلزم التذكير بعدة نقاط قبل التصويت، مع إعادة التأكيد على بعض الملاحظات، فلا تخلو الإعادة من الإفادة..

أولا: إن غالبية الشعب المصري قد صوتت من قبل رفضا للفساد السياسي وللاستبداد الإخواني بأعلى الأصوات، مطالبة بالتغيير بالثورة السلمية المتحضرة وبالتوكيلات الموثقة للجيش المصري في الميادين أيام 25 يناير و30 يونيو و3 يوليو، وتفويضا لقائد الجيش المصري أيام 26 يوليو وما تلاها حتى يوم الانتخاب!

ثانيا: مع الشعبية العالية والثقة الكبيرة التي يحظى بها المشير السيسي، بما يرجح فوزه بنسب عالية، فإن التجارب تعلمنا أن نتائج الانتخابات عبر الصندوق غير محسومة ولا مضمونة سلفاً لأحد، في ظل عوامل كثيرة وألاعيب عديدة في المعارك الانتخابية، من بينها المعارك القذرة؛ كالإرهاب والتمويل الخارجي والحروب الدعائية غير الشريفة، والأكاذيب الإعلامية والإشاعات المغرضة، وهو ما يجب أن يحذره الوعي الشعبي وتحاصره ضوابط القانون الانتخابي.

ثالثا: في ظل حرب دعائية ونفسية سوداء، تستهدف الوقيعة بين أطياف الوطن، وإشاعة اليأس في نفوس الشعب، لا بد من قائد عسكري وطني ومقاتل سياسي شجاع.

رابعا: بعد استقالة المشير السيسي من مناصبه العسكرية والسياسية، وتقدمه للترشح للرئاسة بناء على تكليف الشعب، كأي مواطن مصري آخر في ظل رئاسة وحكومة مدنية، فلقد سقط نهائياً الزعم الكاذب بانقلاب يحكم أو جيش يتحكم، وهو هنا مطلوب للقيادة وليس طالبا للسلطة.

خامسا: إن الحملة الإعلانية ضد قيادة الجيش والشرطة، هي حملة تستهدف رؤوس مصر وأمن الشعب والوطن، يؤديها البعض بغرض أو بمرض، في الصحف أو على الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي، بإخلاص أحمق، أو بعداء وجهل مطبق، أو بأجر معلوم لا تخفى على الشعب مصادره!

سادسا: ليس معقولا ولا مقبولاً تحويل التنافس الانتخابي إلى معركة شخصية بين المرشحين، يسيء فيها أنصار كل مرشح للمرشح الآخر، باللجوء إلى الوسائل غير المشروعة، وبشراء الأصوات أو ترهيب الناخبين، فالمطلوب انتخابات ديمقراطية شريفة تفوز فيها مصر.

سابعا: إن سلامة العملية الانتخابية هي جوهر سلامة الآلية الديمقراطية، ولذلك يصبح توفير كل ضمانات النزاهة والشفافية والمتابعة، لحرية الترشح والتصويت ولسلامة رصد الأصوات وإعلان النتائج النهائية، هو أساس المسؤولية الوطنية.

ثامناً: مع وضع كل القوانين المنظمة والقواعد الضامنة لانتخابات سليمة، لن نتجاهل أن العملية الانتخابية كما يمكن أن تكون حلاً لمشكلة التنافس على السلطة، فإنها مع سلامتها، يمكن بفعل فاعل متآمر، أن تتحول إلى مشكلة لإثارة الاضطراب والفوضى.

تاسعاً: رغم توقع كل المحاولات المشبوهة والألاعيب القذرة، تبقي قوة المشاركة الشعبية في العملية الانتخابية، تجاوزاً للمؤامرات الخارجية بأدواتها الإرهابية وقنواتها الدعائية، هي الضمانة الأكبر للسلامة الوطنية. وأخيرا: إن المهمة الشعبية المصرية اليوم وطنية قبل أن تكون سياسية، وأخلاقية لا حزبية، والقاعدة الديمقراطية هي أن الأغلبية تحكم والأقلية تعارض في البرلمان، وبوسائل المعارضة المشروعة بسيادة القانون وليس خروجاً عليه.. والفارق كبير بين المعارضة السلمية المشروعة، والاعتراض غير السلمي اللامشروع.