لا حديث الآن في الفضاء الإعلامي والسياسي العربي والغربي، إلا عما يجري في الوطن العربي، وبالتحديد عما جرى في مصر العربية من انتخابات رئاسية ديمقراطية، تأكيداً لفشل الإرهاب الإخواني، والتكفيري في عرقلة المسار الديمقراطي المصري، بعد ثورة يونيو الشعبية، التي دعمها الجيش الوطني المصري، بقيادة المشير عبد الفتاح السيسي، إيذاناً ببدء شرعية جديدة. ولا جدال إلا حول ما يجري في ليبيا العربية هذه الأيام، من انتفاضة شعبية، تأييداً لعملية «الكرامة» التي يقوم بها الجيش الوطني الليبي، بقيادة اللواء خليفة حفتر، لتصفية الإرهاب التكفيري والإخواني.
ولاستعادة الدولة بالديمقراطية الشعبية، وتحرير ليبيا من تحكم «ثوار الناتو» وميلشيات الإرهاب! وكذلك الحال عما يجري في كثير من دول المنطقة، التي تخوض حرباً ضد الإرهابيين التكفيريين المُصدرين من خارج الحدود، لأغراض سياسية دولية، وأمراض فكرية إسلاموية، لا تستهدف سوى إشعال الحروب الأهلية، واستنزاف الجيوش العربية وتفكيك الأوطان الإسلامية!
وربما تستأثر مصر بالنصيب الأكبر من الاهتمام والضخ الإعلامي المضاد لأمن وحرية وكرامة الشعب المصري، لأنها البلد العربي الأكبر بشراً ووزناً وتأثيراً على مجريات ما حولها في المنطقة العربية والمحيط الإقليمي والدولي، وإذ تتم الانتخابات الرئاسية بهذه المشاركة الشعبية الإيجابية في الداخل والخارج، رغم كل محاولات العرقلة الغربية وأدواتها المحلية وفتاواها المضللة من أدعياء الدين، ودعاة الناتو، والدعوات المشبوهة لأدوات الغرب ومراهقي الثورة وأدعياء السياسة!
ولا معنى لكل ذلك سوى أن الشعب المصري الذي قرر بإرادته الحرة عزل الحكم الإخواني الفاشل، ورسم خريطة المستقبل بوقفته الملايينية في تحالف 3 يوليو بين الجيش الوطني، والقوى الوطنية والدينية والسياسية، سيواصل السير بثبات خلف قائده الجديد، الذي اختاره بإرادته الغلاّبة، لاستعادة الدولة وتحقيق أهدافه الوطنية في الاستقلال والتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والحرية السياسية والكرامة الإنسانية.
وأن نجاح الشعب بعد الثورة في تشكيل إدارة مدنية ديمقراطية، برئاسة رئيس أعلى منصة قضائية في مصر أنجزت دستور ما بعد الثورة، ونظمت بنزاهة انتخاب رئيس مصر الجديدة بعد الدستور، يعني إعلاء الإرادة الشعبية، تأسيساً لشرعية حقيقية جديدة، ويعني انحسار الموجة الإرهابية الإخوانية، وفشل المحاولات الغربية لعرقلة المسار على طريق المستقبل، وسقوط الرهانات الأميركية وتوابعها الغربية والإقليمية، وقنواتها المقهورة وصحفها الموتورة!
وهكذا بعدما ذهبت السكرة وعادت الفكرة، وانكشفت الحقيقة واضحة لكل العرب الطيبين، وسقطت الأقنعة الإخوانية الإسلاموية عن الألاعيب السياسيةو والإعلامية الغربية، وبعدما كشف الربيع العربي عن خريف غربي، والربيع الغربي عن شتاء عربي، والقناع الإسلاموي عن إرهاب تكفيريو وإخواني في النهاية، وانقشع الغبار الناتج عن قنابل الدخان الدعائية المسمومة، سواء من فضائيات التضليل والخداع والكذب الناطقة بالعربية.
والخادمة لأجندات غربية بأموال معلومة فقد أصبح واضحاً الآن أن أغلبية الشعب العربي قد كشفت اللعبة الصهيو أميركية الخبيثة وراء ما جرى على مدى السنوات الثلاث الماضية من مخططات أطلسية مضادة، جرى وضعها عام 1974 لتقسيم الدول العربية، ولتفكيك الجيوش العربية التي شاركت في هزيمة إسرائيل العسكرية في أكتوبر عام 1973، وذلك بإثارة الفوضى الهدامة والفتن الطائفية والمذهبية والعرقية والمناطقية، للوقيعة بين الشعب والجيش، ولإشعال الحروب الأهلية تحت اسم الربيع الكاذب! ولهذا أصبح كل شيء واضحاً ومكشوفاً.
ولهذا تتضح مؤشرات السياسة المصرية الجديدة تجاه محيطها العربي بجلاء، فيما عبر عنه المشير عبد الفتاح السيسي، الذي دعته الجماهير المصرية إلى القيادة، قبل أن يترشح للرئاسة، في حديثه لقناة «العربية» بقوله عن توتر العلاقات المصرية- الأميركية منذ ثورة 30 يونيو، إن واشنطن تدرك تدريجياً أن ما حصل عندنا «إرادة شعب»، وأن على الأميركيين أن يحكموا علينا بعيون مصرية، بينما هناك تحسن في فهم أوروبا.
وعن العلاقة مع إيران قال المشير السيسي: إن العلاقات المصرية- الإيرانية ستعبر من بوابة العلاقات الخليجية- الإيرانية، وعندما لا تكون فيها مشكلة ولا تدخل ولا تهديد فلن تكون هناك مشكلة مع مصر. وحول الأزمة الليبية قال المشير:
«ليبيا تواجه مخاطر سقوط الدولة، وليس سقوط نظام»، مؤكداً أن الغرب مسؤول أمام التاريخ، حيث «لا توجد في ليبيا سيطرة على الحدود مع مصر، لأنها أضحت بؤرة جذب للتطرف والإرهاب، والغرب والعرب معنيون بمساعدة ليبيا لتتجاوز المشكلة، فلا يجوز أن نترك ليبيا بؤرة للتطرف، ولا أن نسمح بتحول ليبيا لمركز تصدير للإرهاب».
وحول الاقتتال السوري قال: «إن أخطر ما يمكن أن يواجهنا هو تقسيم سوريا»، مؤكداً: «لا لتقسيم سوريا، ولا لحل عسكري ولا لأفغنة سوريا»، مشدداً على ضرورة تصفية مخاطر التطرف والإرهاب في سوريا، وإن استدعاء المتطرفين المسلحين إليها عقد موقف المعارضة السياسية.
هكذا يبدو بوضوح أننا اليوم أمام جمعة البداية في الطريق لانتصار الإرادة الشعبية العربية والإسلامية، وتصفية الإرهاب التكفيري والإخواني، وهزيمة المؤامرة الغربية على الأمة العربية والإسلامية.