شهد الأسبوع الماضي اجتماعين عربين مهمين على مستوى وزراء الخارجية، الأول في جدة برئاسة سعودية لمجموعة الاتصال العربية بالشأن السوري سعياً لصياغة حل سياسي للأزمة السورية، والثاني بالقاهرة برئاسة مصرية لمجموعة دول الجوار الليبي سعياً للتوصل إلى صياغة حل سياسي أمني للأزمة الليبية.

وأهمية هذين الاجتماعين تنبع من جوانب عدة.. الأول، هو سعي الدول العربية الفاعلة، مصر والسعودية والإمارات والجزائر، لاستعادة التوازن العربي واستعادة زمام المبادرة لحل الأزمات العربية سياسياً لا عسكرياً، وفي مقدمتها الأزمتين السورية والليبية، والعراقية واليمنية..

والأهم، دون تدخلات دولية أو مداخلات إقليمية، بعدما ساهم الانقسام السياسي والمذهبي العربي في الوصاية الإقليمية والهيمنة الغربية في التعامل مع الأزمات.

والثاني، وضوح الرؤية أخيراً بأن التدخل الأميركي الأطلسي المباشر في ليبيا لحماية المدنيين ونشر الديمقراطية في مواجهة الديكتاتورية أدى إلى تدمير الجيش الليبي، وتحول ليبيا إلى دولة فاشلة تتحكم فيها العصابات الإرهابية، تروع المدنيين وتقسم البلاد، وتحولها إلى مصدر تهديد إرهابي للأمن الوطني لدول الجوار وفي مقدمتها مصر والجزائر.

والثالث، وضوح الرؤية حول أن تسليح الميليشيات المقاتلة أدى في النهاية إلى تمركز الإرهابيين في سوريا وتمددهم إلى العراق ولبنان والأردن بما نقل الأزمة إلى تهديد الأمن الوطني لدول الجوار العربي والإقليمي.

والرابع، ثبوت فشل الاستقواء بالخارج بالحلول العسكرية الأجنبية أو المليشياوية المسلحة الإرهابية، والهدف الغربي الكبير من كل تلك الحروب الأهلية والهجمات الإرهابية باسم الربيع كان منع العرب من تحقيق انتصار عسكري جديد على إسرائيل، وحماية إسرائيل من مواجهة هزيمة عسكرية جديدة على أيدي الجيوش العربية.

وذلك بتدمير الجيوش العربية، وإغراق الأمة في الصراعات الأهلية والفوضى السياسة والأزمات الاقتصادية، وتحويل دولها الفاعلة إلى دول فاشلة.

ليبقى سؤال من ألف سؤال يلح على الكثير من السياسيين والمراقبين والمواطنين العرب، سؤال كبير وخطير تتطلب الإجابة عنه شجاعة أكبر وصراحة أصدق.... والسؤال يقول: ماذا حصدنا من ذلك الربيع الغربي المسمى زوراً بالعربي؟..

هل حصدنا ورود الياسمين من ربيع تونس المزعوم، أم زهور اللوتس من ربيع مصر الملغوم.. أم لم نحصد في النهاية غير الأشواك والفوضى والدماء والإرهاب، والانقسامات السياسية والوطنية؟!

ليبقى السؤال الأكبر والأخطر الذي لا ينتظر إجابة هو: في العراق قام حلف الناتو الاستعماري بقيادة أنجلو أميركية بالعدوان السافر لاحتلال العراق، وفككوا الجيش العراقي وأعدموا الرئيس صدام حسين بمحكمة أميركية، وأشعلوا الحروب المذهبية والعرقية.. وبعدما رحل صدام.. فهل بقي العراق؟!

 وفي ليبيا وبتدخل خارجي لإسقاط الديكتاتورية، وسلموا البلاد للميليشيات الإرهابية باسم الثورة وباسم الجهاد لتقسيم البلاد ولترويع المدنيين.. وقد ذهب القذافي، فهل بقيت ليبيا؟! وفي سوريا تدفق الإرهابيون الأجانب بدعاوى الجهاد في سوريا بعد أفغانستان والعراق.

في اليمن باسم ثورة تضم قوى شعبية وتتصدر مشاهدها نزعات مذهبية ونزاعات جهوية ودعوات انفصالية، ذهب الرئيس اليمني علي صالح عن السلطة بموجب انتقال توافقي لكن الانفصاليون في الجنوب والحوثيون في الشمال والإرهابيون في اليمن يهددون البلاد.. فهل عاد اليمن موحداً وآمناً وسعيداً؟

لا أظن!