خيل للكثيرين أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، في غمرة انغماسه في السياسات الخارجية طوال شهر كامل بسبب أزمة داعش، قد نحى الشأن المصري جانباً، وأوقف ولو مؤقتاً مساعي إدارته الخفية والعلنية لمواجهة مصر والمصريين..
إلا أن ما تسرب مؤخراً من معلومات يشير إلى استمرار المؤامرة الأوبامية تجاه المحروسة. ففي الأيام القليلة الماضية بدا وكأن هناك فضيحة شديدة الوقع تحيط بالرئيس الأميركي، الذي حام حوله كثير من الشبهات، لا سيما عن علاقته بجماعة "الإخوان"، وكيفية سماحه لهم بالتسلل إلى دوائر صنع القرار في واشنطن، مما يعد اختراقاً للأمن القومي في عهده.
فضيحة أوباما، والعهدة على الراوي وهو هنا «كلير لوبيزن»، المحللة في جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية CIA سابقاً، والتي أوردت في لقاء لها مع قناة «وورلد نت ديلي» الإخبارية الأميركية، أنها كانت شاهدة على أوامر أوباما بضرورة ضم عدد كبير من كوادر الإخوان في الدول العربية والأوروبية، إلى أجهزة القرار الأميركي..
وكانت الأوامر من الخطورة بمكان، لأن أوباما عنى بهذه الاختراقات الأجهزة الأمنية والاستخبارية الأميركية شديدة السرية والحساسية، مثل الاستخبارات بأنواعها، ومكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI)، ومكاتب الحكومة الاتحادية في الولايات. حجة أوباما حسب «لوبيز»، هي الاستفادة من معلومات الإخوان عن الإرهاب المتأسلم على حد تعبيره، ومساعدة الأجهزة الأميركية للقضاء عليها.
والسؤال هنا: ألم يتحسب أوباما لأن يكون الاختراق عكسياً، وبدلاً من الاستعانة بمعلومات الإخوان، يقوم الإخوان باستغلال تلك الأجهزة عالية القيمة في تحقيق مآربهم شرقاً وغرباً؟
يبدو أن شيئاً من هذا حصل بالفعل، وأن تلك العناصر الإخوانية قد مثلت جسراً وقنطرة مع تنظيم داعش، وأمدته بمعلومات مكنته وسهلت له انتصارات سريعة، قبل أن ينكشف دور هؤلاء على يد العديد من أعضاء الكونغرس، الذين باشروا ضغوطا على أوباما، في محاولة لإصلاح العطب التخريبي الذي أحدثه في الجسد الأميركي.
والسؤال الآن: هل كان لهؤلاء المخترقين تحت مظلة الرئيس الأميركي أن يتركوا مصر في حال سبيلها، خاصة وأنها تقترب من الاستحقاق الثالث في خارطة الطريق وربما الأهم، أي الانتخابات البرلمانية؟
بالقطع لا، ولهذا بدأت تتجلى أبعاد المؤامرة الإخوانية ـ الأوبامية تجاه مصر، من أجل سيطرة الإخوان مرة جديدة على البرلمان المصري القادم. المؤامرة - الخطة، تأتي هذه المرة تحت عنوان براق هو «الشراكة المتساوية»، فهذا هو المبدأ الذي سعت وتسعى من خلاله واشنطن لاختراق مصر من جديد.
كما استطاعت عبره تفتيت وتفكيك العراق من قبل، وهو مفهوم يسمح بطريقة جهنمية لأية أطراف تتسق مساراتها والمصالح الأميركية، باختراق أي بقعة حول العالم، إذ يرى أوباما أن مفهوم «الشراكة المتساوية» هو مبدأ الحل لأي صراع محلي، وعليه فإن الحل لا بد أن يحتوي على مشاركة جميع القوى الفاعلة في جميع مستويات التمثيل السياسي.
كما أن إقصاء أي قوة من هذه المشاركة يعد عملاً سلبياً، ويعكس عدم جدية النظام القائم في المشاركة المتساوية. وهذا يعني أن يشارك الإخوان كبقية التيارات السياسية المصرية، في احتلال مقاعد البرلمان المصري القادم، مشاركة متساوية مع التيارات السياسية الأخرى، بغض النظر عن الحظر القانوني المفروض عليهم، ودون الالتفات إلى الأيادي الملوثة بالدماء،..
ولا الخطط والاتصالات التي جرت بينهم وبين أطراف خارجية لا تحمل خيراً لمصر، المهم هنا هو احتلالهم لأكبر قدر من المقاعد، من أجل تعطيل مسيرة ثورة 30 يونيو مرة جديدة. ويلفت النظر هنا أن واشنطن لم تعدم عملاءها وطابورها الخامس من «الليبراليين الجدد» في مصر، الذين ترتبط وتتصل مصالحهم المالية غالباً، بمصالح واشنطن السياسية والتوسعية حول العالم. ما هي الآلية التي تسعى الخطة من خلالها إلى تحقيق غرضها؟
بالطبع، عبر الأموال الهائلة التي تتدفق على البلاد لشراء أصوات الناخبين، لصالح مرشحين غير معروف انتماؤهم لجماعة الإخوان، وعبر سيطرة هؤلاء لاحقاً على البرلمان، وشل البلاد وإدخالها في فوضى سياسية داخلية، فيحدث التدخل الأميركي لصياغة توافق في الداخل المصري وفق مبدأ «الشراكة المتساوية»، الذي تسعى أميركا - أوباما من خلاله إلى اقتسام السلطة بين البرلمان ورئيس الحكومة، أي بين الإخوان والسيسي. هل عرفنا الآن لماذا سمعة أميركا في الشرق الأوسط باتت في الحضيض، كما قال مؤخراً الفريق ضاحي خلفان؟