الأصدقاء الخمسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

صغيرة في حجمها كبيرة في فعلها. تحيط بالقلب من كل جانب. بين جدرانها تجري الدماء وبفروعها تروي وتغذي أهم عضو في جسم الإنسان منذ بدء الخليقة.

اللطيف في الأمر ان نفس الدم الذي يجري في داخل هذه الشرايين قد يحتوي على مواد مميتة تكون السبب في تضيق الشرايين المذكورة وانسدادها والنتيجة موت عضلة القلب وحدوث الجلطة القلبية.

يقول المثل: «الصديق وقت الضيق» لكن اصدقاء القلب هم سبب الضيق. التبغ هو اقدم الأصدقاء وأكثرهم وفاء. فهو في جميع حالاته لا يفارق القلب سواء كان في السيجارة ام في الشيشة او في المدواخ. فعشق التبغ للقلب يجعله يقطع المسافات الطوال من الفم وخلال الرئة الى مجرى الدم. وفي لحظات تدخل جزيئات التبغ الى الشرايين التاجية.

وتقوم بالقفز من مجرى الدم والالتصاق في الشرايين بقوة والنتيجة تشققات وصدوع في جدران هذه الشرايين الرقيقة. ننتقل إلى الصديق الثاني «السكر». اثاره التدميرية على الجسم والقلب تجعله المطلوب الأول على مستوى العالم. تبحر جزيئات السكر في مجرى الدم وبمجرد دخولها في نفق الشرايين التاجية تنجذب لجدرانها. هذا الانجذاب القاتل يؤدي أيضاً لتشقق جدران الشرايين التاجية وتهتكها.

ارتفاع ضغط الدم هو الصديق القاتل الثالث. عند البعض يتحول الدم الجاري في الجسم الى أمواج هائجة تُبحر بشراسة وتضغط بقوة على جميع جدران الأوعية التي تحملها. وطبعاً الشرايين التاجية بما يجري فيها من الدماء ليست بمعزل عن هذا والنتيجة تصدع الجدران من أثر ضغط الدم العالي فيها.

رابع الأصدقاء هو أخفها ظلاً. يضفي على صاحبه الوجاهة والمنزلة الاجتماعية الرفيعة لدرجة ان في بعض الثقافات يعتبر من علامات الجمال. إنها السمنة. لكن عواقب السمنة على شرايين القلب تجعلها من علامات الممات، وبالرغم من عدم معرفة السبب الرئيس الذي يجعل من البدناء أكثر عرضة للجلطة القلبية..

فإن آخر الدراسات وجدت علاقة بين طريقة توزيع الكتل الدهنية في الجسم (خصوصاً تكدس الدهون في منطقة الخصر) وزيادة المجهود على عضلة القلب وشرايينها وبالتالي تصدع جدران الشرايين التاجية نتيجة المجهود الزائد. جميع الأصدقاء الأربعة يقومون بعمل واحد فقط: تكسير جدران الشرايين التاجية. قد يقول قائل: شو يعني لو انكسر جدار الشريان اكيد الجسم بيسوي صيانة وترميماً والأمور طيبة.

المشكلة في مادة الترميم وهنا الطامة الكبرى وهنا يأتي الصديق الخامس وهو الكولسترول. بعد امتصاصها من الأمعاء تدخل كرات الكولسترول مجرى الدم وتبدأ في الإبحار على متن ناقلات خاصة. وطبعاً معظمنا يعلم وجود نوعين من الناقلات: الجيدة HDL والسيئة LDL. تتحرك الناقلات السيئة بسرعة وعنجهية إلى شرايين القلب التاجية..

وهناك وبلا مبالاة، ترمي بحمولتها من جزيئات الكولسترول. لماذا؟ لأن الكوليسترول هي مادة الترميم التي يستخدمها القلب لإصلاح الجدران المكسورة. لكن على قول المثل: «حاميها حراميها» يوماً بعد يوم تتكاثر نسبة الكولسترول على الجدار، إلى أن تغلق مجرى الدم في الشريان وتحدث الجلطة.

عمل جماعي بين الأصدقاء الخمسة مع هدف واحد فقط ألا وهو إغلاق جميع الطرق إلى القلب. وبما أن يوم الاثنين المقبل (29) سبتمبر هو اليوم العالمي لصحة القلب، يتشرف الأصدقاء الخمسة بدعوتكم لحضور الحفل الخاص بهذه المناسبة الغالية على قلوبهم.

ملاحظة: يرجى عدم اصطحاب الأكل الصحي وأدوات اللياقة البدنية.

Email