المشهد الثاني المتعلق بتلك المشاهد بخصوص خطة دبي 2021 يتعلق بالشاطئ «رسالة.. طفل.. حضن.. انطلاقة»، وقد تم إطلاق خطة دبي 2021 في 17 ديسمبر 2014 في ذا بيتش (الشاطئ) السياحي منطقة جميرا بيتش ريزيدنس بدبي.

إن هذه المنطقة الجميلة والرائعة هي أحدث مناطق الجذب السياحي في دبي. فالحياة في تلك المنطقة تتسم بالحداثة والراحة والإبداع، وفي اعتقادي تعد من أجمل الأماكن السياحية في العالم إن لم تكن أجملها، حيث تجد كل شيء جميل، حيث تجد مناطق مخصصة للمشي بتفاصيل فنية جميلة وكأنك تبحر في لوحة من لوحات دافنشي أو دالي.

إضافة إلى المحال الراقية والمطاعم غير المألوفة، فالأجواء بشكل عام تبعث البهجة والسعادة والإيجابية في النفوس. إن اختيار تلك البقعة تحديداً لإطلاق الخطة كان خياراً موفقاً بكل تفاصيله الصغيرة قبل الجوهرية.

جاءت احتفالية إطلاق الخطة مبتكرة باقتدار، حيث حلّقت طائرة بدون طيار «فانتوم» في سماء المكان، لتحط وهي تحمل رسالة وجهها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، حملتها إلى سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، أنامل الطفل محمد أحمد جابر الذي توجه مسرعاً بطفولة إلى سموه لكشف مكنونها، وفي هذا المشهد وحده تتلخص مئات الكلمات التي تأتي خارج النص، والتي في حقيقتها هي من صميمه، إذ هو مشهد يستحق التوقف عنده والنظر في تفاصيله المختلفة، ولقد كان من عادة العرب قديماً حين استقبالهم رسل الملوك أن يقبلوها إظهاراً لاحترامهم للمرسل ولرسوله ولما يحمله، فقبلة الشيخ حمدان للطفل هي تقدير لوالده ولما أرسله، حتى قبل أن يفتح الرسالة، وهذه الاحتضانة الأبوية من الشيخ حمدان تحمل معاني أذرع الدولة المفتوحة أمام أبنائها تقبل منهم وتحتويهم، وأن المستقبل يصنع بأيديهم من أجلهم ولمن يأتي من بعدهم، لعل هذه الثواني التي سبقت فض الرسالة لتقرأ على الملأ هي يسيرة في الزمن، لكنها تحمل العديد من الإشارات العظيمة المعاني، لتكون هذه الإشارة المبتكرة هي نقطة البدء بتنفيذ هذه الخطة، تعبيراً عن مضمونها الذي يبني الفكر الخلاّق، وتأكيداً لتمسك دبي بروح الإبداع في كل مبادراتها كبطاقة عبور إلى المستقبل بفكر متجدد باستمرار.

وجاء نصها موجّهاً بملامح قائد وأب ومعلم قال فيها صاحب السمو الشيخ محمد: «إلى رجال ونساء الوطن المخلصين.. القادة والمسؤولين.. إلى جميع من يحمل في نفسه طموح وعزيمة المؤسسين.. إلى هؤلاء جميعاً أقول: أمامنا سبع سنوات.. عظيمة في الأهداف.. عالية في التطلعات.. مليئة بالتحديات. أنتم عشاق المركز الأول.. وبكم ومعكم سنحقق لشعبنا المستقبل الأفضل والأجمل.. نطلق اليوم خطة دبي 2021.. والله نسأل أن يسدد ويؤيد ويوفق جهودنا جميعاً لتحقيق السعادة والرفاهية والحياة الكريمة لشعبنا. محمد بن راشد آل مكتوم».

رسالة خاطب فيها كل الشرائح التي ستحملها همّاً حتى يتحقق، وحفّز كل العقول التي ستبنيها بإبداع، وهمس في كل الأرواح التي ستسعى لإنجاحها، من نعم الله علينا أن سخر لنا قادة جل همها واهتمامها إسعاد شعبها.

أما المشهد الثالث، فيتعلق باللغة العربية وبساطة الخطة، وقد تم تقسيم الخطة إلى ستة محاور رئيسة، لم تغفل -وفق تصوري- جانباً جوهرياً إلا ضمنته، إما أساساً أو فرعاً، والمحاور، موطن لأفراد مبدعين وممكنين ملؤهم الفخر والسعادة، مجتمع متلاحم ومتماسك، المكان المفضل للعيش والعمل والقصد المفضل للزائرين، مدينة ذكية ومستدامة، محور رئيس للاقتصاد العالمي، ثم المحور السادس والأخير حكومة رائدة ومتميزة.

تعودنا في ما اطلعنا عليه من استراتيجيات الدوائر والشركات صغيرها وكبيرها، أن تحوي كلمات لوغاريتمية تحتاج إلى قاموس فني حتى يستطيع القارئ العادي فك طلاسمها، إذ لا يفهمها غير المختصين في مجال الاستراتيجية، ناهيك عن عوام الناس وبسطائهم، فكيف بهذه الاستراتيجية التي تمثل استراتيجية إمارة بكاملها تظهر بهذه السلاسة والبساطة، ترتقي لغتها عن الكلمات الغريبة، لكنها في الوقت ذاته لا تستخدم كلمات منهكة القوى.

جاءت اللغة المستخدمة في كتابة ملامح تلك المحاور حيّة قريبة من التلقي مختلفة بإبداع، لقد جاءت هذه الاستراتيجية دليلاً يقرّ بأن الإبداع لا يعني التعقيد، وإنما هو الاختلاف ببساطته وبريقه، وينسحب الحديث على كل خدمة يمكن أن يترتب عليها قيمة مضافة وبلمسة مبتكرة.

حسناً فعلت الأمانة عندما راعت اختيار الكلمات البسيطة في لفظها والعميقة في معناها والإيجابية في تأثيرها، وابتعدت عن أي كلمة يمكن أن تعكر ذلك الصفو الذي ساد المناخ العام للخطة. أما المشهد الرابع فيتعلق بما بعد الإطلاق، حين يعمل المخلصون من أجل أوطانهم، فإنهم لا ينتظرون شكراً ولا جزاءً، لكن أن يأتي الشكر من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، خاصةً يوجهه لكل العناصر التي شاركت في بناء تلك الخطة بأسمائهم فرداً فرداً، دون إغفال لأي جهد مهما كان ضئيلاً، فذلك شرف لكل من شارك في تلك الخطة.

كم كان مبعث فخر لي -خاصة- ولمن كانوا في هذا الفريق -عامة- أن نجد أسماءنا صبيحة اليوم الذي يعقب إطلاق الخطة تملأ صفحة في الصحف اليومية، تزدان بصورة سموه الكريمة، وليس هذا فحسب، بل إننا في إمارة التميّز نهتمّ بكل التفاصيل، إذ تصل في اليوم ذاته رسالة إلى جميع موظفي الإمارة على بريدهم الإلكتروني، تمنحهم وقود الانطلاق، لتجعلهم شركاء فاعلين يشهدون ويشاركون في هذه الانطلاقة الجادة والمبدعة نحو المستقبل.