منذ نجاح «الثورة الإسلامية» في الإطاحة بنظام الشاه رضا بهلوي، والنظام الإيراني يحاول تصدير أنموذجه على الصعيدين الإقليمي والدولي. وجد الأنموذج الملالي صدى في مختلف مناطق العالم خاصةً في المناطق التي تدين بنفس المذهب.
إقليمياً حدث هنالك تجاوب في جنوب العراق وجنوب لبنان والبحرين، وبعض النقاط في شبه الجزيرة العربية مثل اليمن والسعودية. هنالك نوع آخر من التجاوب من بعض الحركات والتيارات التي تتخذ من المقاومة أو الثورة أو التمرد نمطاً في الصراع. هؤلاء يتناغمون بطريقة أو بأخرى مع المنهجية الإيرانية في الثورة والحكم وينتشرون بشكل بعثري في مختلف أرجاء المنطقة، وحتى العالم.
مد النظام الإيراني ذو الهيمنة الطائفية حركات التمرّد والتحرر والمقاومة المختلفة بكافة أشكال الدعم المتاحة لديه. الدعم الإعلامي في المقدمة لاسيما أنه الأرخص والأسهل ويعتمد بشكل شبه رئيسي على استمرارية التحريض والمبالغة والترويج. أعداد من القنوات الفضائية والإعلامية الأخرى تعمل بشكل مباشر أو غير مباشر لدعم المشروع الإيراني الذي بات من شأنه زعزعة الاستقرار..
وخلْق بؤر توتّر بما يشبه أسلوب الفوضى البنّاءة الأميركي المنشأ. الدعم المالي حاضر بسخاء كبير في معظم الأحيان ويظهر ذلك جلياً في الحالات اللبنانية والسورية واليمنية والبحرينية.
أكثر أنواع الدعم مدعاة لنشر الفوضى وعدم الاستقرار، وزج المناطق المختلفة في أتون حروب مدمّرة، ألا وهو الدعم العسكري والسياسي. يشمل ذلك الدعم اللوجستي من أسلحة وأعتدة والتمويل اللازم. يذهب بعيداً إلى فتح معسكرات تدريب للمتطوعين بإدارة وتمويل إيرانيين في مختلف الدول مثل لبنان والعراق وسوريا واليمن، وحتى دول أخرى مثل أرتيريا إذا ما دعا الموقف إلى ذلك.
في ذروة التحشيد الطائفي والثوري والديني تميل الحركات المتطرفة إلى رفع السلاح في وجه الأنظمة المحلية والإقليمية وحتى الدولية. الحالة اليمنية شبيهة بالأخرى اللبنانية والعراقية والبحرينية.
بعد أن امتلك الحوثيون المال والسلاح الإيراني، أعلنوا الحرب على الحكومة، ثم حاولوا نقل المعركة إلى الدول المجاورة. يترافق ذلك مع تهديد طائفي المنشأ بتحويل الكرة الأرضية إلى ميادين حروب وفتن. لا يترددون في نقل الحرب إلى الخارج تحت شعار مشابه وهو قتال «الشيطانين» الأكبر والأصغر، وما بين بين من «الشياطين» الآخرين.
الحرب ضد دول المنطقة محفزة طائفياً ووطنياً وإقليمياً؛ يضرب الحوثيون وأعوانهم على كل وتر. وبالرغم من كونهم أقلية إلا أنهم يتمتعون بقدرات تنظيمية وتسليحية نوعية نسبياً. ذلك ما يستدعي تعاوناً داخلياً وإقليمياً ودولياً لوقفهم.
التطورات في الداخل اليمني مسؤولة بشكل كبير عن تفاقم الأوضاع وما آلت إليه الأمور من حرب مباشرة ومفتوحة مع الجارة والشقيقة الكبرى السعودية. حاولت السعودية احتواء الموقف المتصاعد المتفجّر على حدودها الجنوبية لمدة طويلة من الزمن. في كل مرة كانت تُقابَل بعدم الاكتراث والتصعيد والتحريض الطائفي والتهديد الأمني المباشر وغير المباشر.
وصل الأمر بالحوثيين إلى تهديد الأماكن الإسلامية المقدسة في الحجاز، وتقديم الحل الطائفي المتطرف الذي يضع المنطقة فوق بركان كبير متفجر من مختلف الأبعاد والآفاق والمقاييس. من أجل ذلك وغيره كانت عملية «عاصفة الحزم» وما تبعها من عملية «إعادة الأمل» من الضرورة والأهمية بمكان. ذلك لحماية المنطقة وشعوبها من كوارث أمنية وسياسية وجيو- استراتيجية تلحق بهم من جراء العبث الحوثي وحفنة من أتباعه بمستقبل المنطقة وأهلها.
النظام الإيراني متورّط بالسر والعلن في دعم مجموعات متمرّدة أخذت على نفسها خدمة المصالح الإيرانية وأجندتها السياسية، مهما كلف الثمن من الدماء والجهود والتضحيات والعبث بأمن واستقرار المنطقة. النظام الإيراني يجب أن يتوقّف أو يوقَف عن التدخل في شؤون المنطقة. هو مسؤول بالدرجة الأولى عن هدر الطاقات عن طريق اتباع سياسة لا مسؤولة ولا واقعية.