بعد طول انتظار، وبعد تراكم الأزمات الناجمة عن تغلغل وتغوُّل القوى المضادة للاستقرار في المنطقة، انطلقت عاصفة الحزم؛ بدايةً لمواجهة إحدى أذرع التدخل الإيراني في شؤون المنطقة.
قادت العربية السعودية تحالفاً عربياً مدعوماً بتحالف دولي غير معلَن عنه لضرب قوات الحوثي المسيطرة على النشاط السياسي والعسكري للجنوب الغربي للجزيرة العربية، ذي الموقع الإستراتيجي الحساس. الحوثيون يلعبون دوراً مكمِّلاً لأذرع التدخل الأخطبوطي، أو بالأحرى التورط الإيراني، الأخرى في الشؤون العربية.
الأذرع الأخطبوطية الإيرانية تمتد من مضيق باب المندب في مدخل البحر الأحمر إلى مضيق هرمز في مدخل الخليج العربي، مروراً بالبحرين وشرق الجزيرة العربية، إلى الكويت والعراق حتى مرتفعات الحاج عمران شمالي العراق إلى بلاد الشام. الحدود السعودية الشمالية باتت تشهد نشاطاً يزداد سخونةً مع الأيام من قبل ميليشيات إيران في العراق والشام، أو اختصاراً «ماعش» الفاشية العقائدية.
سلاح الجو السعودي، والعربي عموماً، رأس الحربة في التصدي للنشاط الإيراني المغلف بأغلفة دينية أو مذهبية، أو حتى وطنية وقومية في ظاهرها.
تمتلك العربية السعودية قوةً جويةً نوعيةً قادرةً على قلب موازين القوى الإقليمية العسكرية المائل بشكل جارف لصالح النظام الإيراني. الأخير يعتمد امتياز الديمغرافيا، أي كثرة العدد والعتاد وامتداد العمق الإستراتيجي الصعب، في التوسع والتسلط وحتى العربدة السياسية والعسكرية على شؤون المنطقة وأهلها.
لكن وبالمقابل فالقوة الجوية العربية السعودية النوعية قادرة عسكرياً على التصدي للقوى المناوئة المتربصة، وردعها على امتداد الحدود العربية الجنوبية والشرقية والشمالية.
قادرة على فعل ذلك وبنجاعة فائقة لا تتفوق عليها سوى حفنة من القوى الأطلسية. القوة العربية السعودية تحظى بدعم سياسي دولي كونها تقوم بدور للدفاع المحض عن النفس ضد قوى همجية تهدف إلى زعزعة الاستقرار. تميل القوى المناوئة للاستقرار في المنطقة إلى إطالة أمد وتوسيع رقعة الأزمة والحرب، حيث مضى على الحملة الجوية على القوى الحوثية ما يقارب الثمانين يوماً.
ذلك بهدف إنهاك الحملة العربية ضد الإرهاب وأركانه ودعائمه محلياً وإقليمياً ودولياً. الطرف الآخر الإيراني وأذرعه الإقليمية يمر بأزمات خانقة ومدمِّرة، سياسياً واقتصادياً وديمغرافياً داخلياً.
بنظر قوى التحالف الإيراني، فإطالة أمد الحرب تزيد من فرص الاصطياد في الماء العكر لديهم مما يعطيهم فرصاً أكبر في التعامل مع الموقف، رغم الهشاشة والضعف المتزايديْن في مواقفهم. الهدف النهائي له هو إضعاف القوى العربية والإبقاء على المنطقة مرتبكةً ومشتعلةً فوق صفيح ساخن أو حتى فوهة بركان متفجر، يؤدي بالأمة إلى الهلاك.
العربية السعودية كقوة نوعية مدعومة محلياً شعبياً وإقليمياً عربياً ودولياً عاماً قادرة على تخطي التحديات الجسام. التحديات الجسام متجسدة بشكل واضح بسبب قرب القوى المناهضة للسلام والاستقرار من قلب الجزيرة العربية. الأخيرة تضم القلب والمهجة والعصب العقائدي للعالميْن العربي والإسلامي.
ذلك ما يضع المجتمعات السعودية والعربية، وحتى الدولية، أمام وضع فريد من نوعه من جهة الحساسية الخاصة المفرطة بذلك. الأطراف المناوئة تحاول اللعب بكافة الأوراق المتاحة لها من هذا الاتجاه دون هوادة، كونها من ضمن المكونات الأساس للمنطقة.
هذا على الرغم من قلة عددهم نسبياً ولجوئهم إلى تلقّي العون من طرف محاصَر دولياً، مأزوم محلياً وإقليمياً ودولياً. رغماً عن ذلك فإن القوى العربية المتصدية للتغوّل الإيراني في المنطقة عليها ألا تكلّ أو تملّ أو تتهاون في ردع المعتدين العابثين بشؤون المنطقة ومستقبل أبنائها.
الطرف الآخر، أي الإيراني وحلفاؤه، يعتمد أساليب الإرهاب وإثارة البلبلة ومنهجية ضرب الاستقرار بشكل غير مبال أو مسؤول لمصير المنطقة وأهلها. يظهر ذلك جلياً مثلاً في التصرفات الميدانية للميليشيات والمعارضات السياسية، إضافةً إلى النبرة الإعلامية.