الحمد لله الذي جعل الكتابة نبراساً للعقول، الحمد لله الذي جعل اللسان لتخاطب الشعوب، الحمد لله الذي جعل الحروف لتكوين الكلِم، الحمد لله الذي جعل الشباب رفعة للإسلام والأوطان، الحمد لله الذي جعل وطننا آمناً بشبابه الوسطي المعتدل بفكره ومنهجه، الحمد لله الذي جعل الشباب مدافعين عن وطنهم وولاة أمورهم.
أخي الشاب، إن الشباب هم عماد الأمة وهم جيل المستقبل، منهم تبنى الأوطان، ومنهم ينشأ العالم والمعلم، ومنهم ينشأ الجندي والوفي لوطنه، ومنهم ينشأ الصانع والحرفي، إذا صلحت عقولهم ومناهجهم أقروا أعين آبائهم في الحياة، وجرى النفع منهم بعد الممات.
أخي الشاب، إن الشباب إذا فسدوا وفسد فكرهم فسدت معهم الأمم والأوطان، وتسلط عليهم الأعداء، وإن مما يدمي القلوب ويبكي العيون ما نشاهده في واقعنا المرير اليوم في الأوطان العربية من خراب وضياع لمستقبل الشعوب، تخبط الفكر فسهلت المهمة على الأعداء، زاد الهوى وقدم على الأحكام الشرعية، وكانت النتيجة ما ترون.
قارن أخي الشاب، بين حالنا اليوم في هذه البلاد الطيبة وما ننعم به من الأمن والرزق والراحة وسهولة الأسفار، وبين ما تسمعون بما يحدث بما يجاورنا من أوطان من نكبات وكوارث وفقر وجوع وتشريد، وما يحصل بها من ترويع وإرهاب وتخريب واغتيالات وتفجير المباني المشيدة وهلاك الأنفس والأضرار البالغة وما يتبعها من عواقب أيضاً مثل نهب الأموال وقطع الطريق ونشر المخاوف، كل هذا يحدث من حولنا ونحن ننعم بالأمن والاستقرار وسعة في الرزق بفضل الله تعالى، ثم بفضل حكامنا وولاة أمرنا الأكارم.
أخي الشاب، الخير الذي يصيبك من جليس الصلاح أبلغ وأفضل من المسك الأذفر، فهو إما أن ينفعك في دينك ووطنك، وإما أن يعطيك نصيحة تفيدك، أو يحذرك من أمر قد يضرك، فالجليس الصالح هو أساسك؛ فيحثك على طاعة الله تعالى وطاعة نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – وطاعة ولاة أمرنا، فإن الإنسان مجبول على الاقتداء بصاحبه وجليسه، والطباع والأرواح جنود مجندة، يقود بعضها بعضاً إلى طريق الخير، فاظفر أخي الشاب بجليس يعينك على الخير حتى تفيد دينك ووطنك.
أخي الشاب، أما مصاحبة الأشرار ودعاة الفتنة الذين يريدون بأوطاننا الخراب والضياع، فهم مضرة من جميع الوجوه على من صاحبهم، وشر على من خالطهم، فكم هلك بسببهم أقوام، وكم قادوا أصحابهم إلى المهالك، واكسبوا أصحابهم المعاصي والسيئات.
أخي الشاب، اتبع شريعتك فإنها غراء وابتعد عن هوى العقول المخالفة، فستظفر بالسعادة وستنعم أوطاننا بالخير والصلاح، فصلاح عقول الشباب من صلاح الأوطان، فستجد أن أعمال الخير ميسرة لك ومسهلة عليك، وستجد نفسك محفوظة بحفظ الله تعالى من الأعمال التي تضرك، فإن الله أكرم الأكرمين.
أخي الشاب، أقول هذه الكلمات لي ولك، فكم من شاب لعب دعاة الفتنة بعقله، وتركوه وحيداً حين احتاجهم، فدعاة الفتنة يتربصون للشباب المسلم حتى يصرفوا عنهم طريق الوسطية والاعتدال، ودعاة الفتنة أحبوا الهوى والتكفير، فأرادوا نشر هذا بين شبابنا.
أخي الشاب، أختم معك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة".
أسأل الله تعالى أن يحفظ وطننا الإمارات وجميع أوطان المسلمين، وأن ينعم علينا بنعم الأمن والأمان والاستقرار، وأن يحفظ ولاة أمورنا ويوفقهم لكل خير، وأن يرزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه، وأن يبعد عنا دعاة الفتنة والضلال، وأن يبعد عنا الإرهاب وأهله، وأن يرد كيد من أراد بلادنا بسوء في نحره ويجعله عبرة لغيره، إنه القادر على ذلك سبحانه.