عندما أطلق صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، برنامج التمكين في العام 2005، الذي رسّخ مرحلة جديدة في مسيرة التنمية المستدامة والمتوازنة في الدولة، وهي رؤية رائدة اتضحت معالمها من خلال التمكين السياسي الذي أفضى إلى توسيع المشاركة السياسية الفاعلة والواسعة لأبناء الشعب، وهو الأمر الذي تجسّد من خلال انتخابات المجلس الوطني الاتحادي لاختيار نصف أعضائه، فضلاً عن مجالات التمكين الأخرى والتي شملت جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى تمكين المرأة الذي هو موضوع حديثنا.

لقد حازت المرأة الإماراتية منذ تأسيس الدولة، الدعم والرعاية من جانب قيادة البلاد الرشيدة، انطلاقاً من دورها المهم والحقيقي في التنمية الوطنية. وقد وصلت عملية تمكينها في المجالات كافة إلى مستوى الطموح. وهو الأمر الذي أسهم في حصول دولة الإمارات على المرتبة الأولى عربياً في تمكين المرأة، وفقاً للتقرير السنوي لمؤسسة المرأة العربية لعام 2014، الذي أشار إلى أن نسبة حضور المرأة الإماراتية في عضوية المجلس الوطني الاتحادي 22% لتشكل أعلى نسبة في البلدان العربية، وللسنة الثالثة على التوالي.

إن تقرير مؤسسة المرأة العربية لعام 2014 حول تمكين المرأة الإماراتية، جاء في الوقت الذي تستعد فيه دولة الإمارات لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي لعام 2015، وهو ما يمثل حافزاً مهماً للمشاركة الواسعة للمرأة الإماراتية في الانتخابات سواء بالترشح أو بالتصويت عبر صناديق الاقتراع..

وفي هذا السياق، فإن مشاركة المرأة في المجلس الوطني الاتحادي تعد إضافة مهمة جداً للتجربة البرلمانية الإماراتية، كونها تمثل نصف المجتمع، وباعتبارها جزءاً أصيلاً من عملية التنمية الشاملة والمستدامة، وهي التي أضفت بحق على تجربة الإمارات البرلمانية تميزاً وتنوعاً يستحقان الإشادة والتقدير، وهو ما لمسناه من خلال أدائها وتفاعلها مع قضايا الوطن في الجلسات التي يعقدها المجلس أو من خلال مشاركتها في اللجان، كما أن رموز العمل البرلماني في الدولة أشادوا بفاعلية حضور المرأة الإماراتية وتميزّها تحت قبة البرلمان.

في حين أننا نأمل بأن يكون التفاعل النسوي أكبر والنتائج أوسع سواء كان في أداء المرأة النيابي أو من خلال مشاركتها في الانتخابات المقبلة.. ذلك أن نسبة تمثيل المرأة في الهيئات الانتخابية لعام 2015 وصلت إلى قرابة النصف بنسبة (48%)، وبالتالي على المرأة الإماراتية إعداد العدة وحشد الأصوات النسائية الناخبة لتتمكن من الفوز بأكبر عدد من المقاعد المتاحة في الانتخابات وهي 20 مقعداً.

هذه هي الإمارات تعمل منذ نشأتها على تمكين المرأة، إذ أطلقت عام 2005 «الاستراتيجية الوطنية لتقدم المرأة» برعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة «أم الإمارات»، التي أسهمت بشكل فاعل في تطور المرأة الإماراتية، وقد تجلى ذلك في حصول الإمارات على المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر احترام المرأة الصادر عن «مجلس الأجندة العالمي» التابع لـ«المنتدى الاقتصادي العالمي» عام 2014.. والمركز الأول في تقليص الفجوة بين الجنسين على مستوى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفقاً للمؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين لـ«المنتدى الاقتصادي العالمي» لعام 2013، فضلاً عن الإشادات الدولية المتكررة بالدور الريادي الذي تضطلع به الإمارات للنهوض بأوضاع المرأة على المستويات كافة.

وأذكر أثناء إلقائي محاضرة عن الثقافة الإماراتية في العاصمة الألمانية «برلين» مؤخراً، سألتني إحدى الحاضرات عن فاعلية المرأة الإماراتية في مجتمع محافظ كمجتمع الإمارات ورأت أن هناك قيوداً اجتماعية تحد من تطور المرأة الإماراتية، فأجبتها: «لا قيود على المرأة في الإمارات، وإذا اعتبرتِ أن عادات وتقاليد البلد قيود فنحن نعتبرها ميزة، فنجاح المرأة الإماراتية وتفوقها محلياً وعربياً ودولياً جاء نتيجة محافظتها على عاداتها وتقاليدها الأصيلة وهذه خصوصية تتميز بها المرأة الإماراتية دون غيرها».

نعم، المرأة الإماراتية تقف دوماً في أعلى القمم، وستبقى راية فخر ومبعث نور تضيء طريق نساء الأرض.