لا أدري لماذا خلت برامج مرشحي انتخابات المجلس الوطني الاتحادي لعام 2015، من محور التنمية الثقافية، رغم أهميته؟ فمن خلال متابعتي لبرامج المرشحين الانتخابية، لاحظت غياب هذا المحور الأثير، وهذا الغياب، ليس في هذه التجربة الانتخابية فحسب، بل ينسحب على التجربتين الانتخابيتين السابقتين 2006 و2011.
وهو الأمر الذي يؤشر إلى عدم إدراك المرشحين لأهمية الثقافة ودورها المحوري في تنمية المجتمعات وبناء الحضارات، ذلك أن أكثر المرشحين يعتبرون النشاط الثقافي أو الأدبي، مجرد ترفيه..
وليس حاجة ملحة أو ضرورة، وبالتالي، فإن غياب المحور الثقافي عن برامجهم لا يؤثر، كما يتصورون، وهذه في الحقيقة نظرة سائدة حول الثقافة والأدب، يجب على المؤسسات الثقافية والمثقفين تغييرها بأي شكل من الأشكال.
هل نسينا الدور الكبير الذي يلعبه المثقف والأديب في تنشيط الحركة الثقافية الكبيرة التي تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة، وما يتخللها من مهرجانات وملتقيات وندوات وبرامج ثقافية محلية وعربية ودولية..
وازدهار حركة الطباعة، سواء كان هذا الدور في إقامة الفعاليات وتنظيمها والمشاركة فيها والإشراف عليها، أم عبر بثه لروح الإبداع والابتكار في تلك النشاطات الأدبية والثقافية والإبداعية المتنوعة على مستوى مناطق الدولة جميعها.
وإذا اعتبرنا أن الثقافة ركيزة أساسية للتقدم والتنمية والحضارة، وهي كذلك، فإن الأديب والمثقف هنا يمثل حجر الزاوية، بل ومهندس عمليتها الإنمائية، إضافة إلى أن المثقف الأديب، ككاتب مبدع ومبتكر، وصاحب فكر ورأي، يؤسس لبيئة ومجتمع واعٍ وراقٍ ومتحضر، الأمر الذي ينعكس بالضرورة على تطور الدولة، والوصول بها إلى الدرجات العلا في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة التي تنشدها.
إن البرنامج الانتخابي لأي مرشح، يجب أي يكون شاملاً ومتكاملاً، ويجب أي يعي المرشح أن عليه مسؤولية كبيرة في هذا المقام، فإن أدرك معنى المسؤولية فإنه يدرك معنى الثقافة.
وبالتالي، فإنه في هذا السياق، يستحق أن يخوض غمار الانتخابات، وهو واثق من نفسه تمام الثقة، ولا يمكنني كناخب لدي وعي وثقافة وولاء وانتماء وإخلاص لوطني، أن أعطي صوتي إلا لمن يستحق، وهذا الاستحقاق نابع من معرفتي الحقيقية بهذا المرشح أو ذاك.
إذن، عليّ كناخب، أن أجد الشخص المناسب الذي يحمل صوتي إلى أصحاب القرار، ويعكس متطلباتي وهمومي تحت قبة المجلس الوطني الاتحادي، بكل ثقة وثقافة وفصاحة وحصافة وإدراك، فكيف لي أجد هذا الشخص أو المرشح أو العضو البرلماني؟ أظن أنني سأجده بالإنسان الواعي والمثقف والحصيف، وصاحب الخبرة المعرفية والعملية والوطنية والإنسانية، وكلنا نبحث عن هذا الإنسان القوي الأمين.
نعم، الثقافة جزء مهم من شخصية الفرد في المجتمع، فلا يجب إغفالها، لصالح أغراض أخرى تستجدي أصوات الناخبين عبثاً، كما أن التركيز على محاور، كالتعليم والصحة والإسكان مهم جداً، ولكن بوعي، فعندما نطرح برامج كهذه من دون وعي بها ولا معرفة، تأتي النتيجة عكسية ومخالفة لما نريد.
يجب عليك أيها المرشح الإيجابي، أن تدرك معنى الثقافة ودورها وأهميتها في المجتمع عموماً، وفي حياتك خصوصاً، كفرد في مجتمع واعٍ، وكعضو فاعل في مجلس وطني اتحادي، أراده المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، صوتاً للشعب في مرحلة التأسيس، وأراده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، جزءاً من الشعب في مرحلة التمكين.