الإماراتية بين الخصوصية والعالمية

تبدو الشواهد على ضعف الحضور الإعلامي العالمي وفي المحافل الدولية على إنجازات المرأة الإماراتية عديدة، وهو ما نراه لا يتناسب مع الحجم الهائل لمكتسباتها على أرض الواقع وحضورها الواسع ونجاحها متعدد الأوجه في مجالات عديدة.

حين تمتلك وتدير المرأة في الإمارات 20 ألف مشروع حتى أبريل سنة 2015، وبلغ عدد رائدات الأعمال ما يقرب من 14 ألف سيدة عام 2012 بينهن نحو 5500 سيدة أعمال في العاصمة وحدها. وتكاد تغيب نسبة الأمية لدى المرأة الإماراتية بالكامل في السنتين الأخيرتين، كما تمثل نسبة الإناث في برامج التعليم العالي حالياً ما يقرب من 75% من إجمالي الدارسين في الجامعات الحكومية، ويمثلون ما يقرب من نصف الدارسين في مراحل ما بعد البكالوريوس (الماجستير والدكتوراه)، ولا زالت تصعد بأقدامها في أعلى مراتب الهيكل الإداري، منذ مشاركتها في تولي الحقائب الوزارية قبل ما يزيد عن عقد من الزمان، في معدلات عالمية وإيجابية، كما تتولى المرأة الإماراتية كذلك رئاسة المجلس الوطني وتتولى إدارة عدد من المؤسسات المركزية في الدولة وتنفيذ سياسات التنمية والتقدم..

وتتميز المرأة الإماراتية وإنجازاتها، التي هي علامة أكيدة على تميزنا الحكومي والتشريعي والإداري، بالذي سن من التشريعات بما يحفظ حقوقها ويحميها ويدافع عنها وفق المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وما يتناسب مع ثقافتنا ويتفاعل مع الإعلام بشكل إيجابي غير متقوقع وغير مستلب يذوب في الرؤى العالمية، ولكن يتصالح ويصالح بين الذات والآخر والخصوصية والعالمية. وهذا الإنجاز الكبير والتقدم متسارع ومثمر بمعدلات عالمية غير مسبوقة، لكنه لم ينل بعد ما يستحقه من تعريف وإعلام.

لقد أدهشتني ردود الأفعال الإيجابية من المهتمين بشؤون المرأة خلال الندوة التي نظمها مؤخرا مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي بالتعاون مع اليونسكو في مقره بالعاصمة السويسرية، والتي قدم الأخ السفير عبيد الزعابي المندوب الدائم للدولة لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها تقريرا حول مسيرة المرأة الإماراتية وما حققته من إنجازات مشهودة في كافة المجالات. وذكر مشاركتها الفاعلة سياسيا وتعليميا ومهنيا، بالإضافة إلى تأسيس مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين الذي يعتبر مبادرة عربية رائدة.

وأسهم في هذه الفعالية المستشار زايد الشامسي رئيس جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين في تعريف الحضور بالمبادئ القانونية المعمول بها في دولة الإمارات والتي تنص على تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء. كما أن هذا المبدأ في تكافؤ الفرص لا يمنع تطبيق قوانين وإجراءات من شأنها أن تضمن للنساء حقوقا خاصة لها، مثل منع العمل الليلي وتمديد العطل مدفوعة الأجر عند الولادة أو الحداد، أخذا بعين الاعتبار الخصوصيات النفسية لحياة المرأة العاملة. وقد أدى كل ذلك إلى تعزيز دور المرأة في المجتمع ومشاركتها في الحكومة والمجلس الوطني وسوق العمل بشكل عام.

ما تم ذكره أثناء الندوة أيضا من أرقام وإحصائيات ومعلومات عن المرأة الإماراتية أدهش الحضور ونال إعجابهم. وإن لم تكن تلك الحقائق مثيرة للدهشة لمن يعيش على هذه الأرض الطيبة.

ولا بد في هذا السياق، أن نذكر الفضل لأهله حيث إن للقيادة السياسية وجهود سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، أم الإمارات حفظها الله، الفضل الأكبر في رعاية المرأة ودعمها مما مكن لها الدخول إلى ساحات ومجالات كانت حصرا على الرجل.

وبفضلها استطاعت المرأة الإماراتية وبكل فخر أن تثبت أنها جديرة بتلك الثقة والدعم.

ومما يدعو للفخر كذلك، أن المرأة الإماراتية استطاعت أن تتعاطى مع التحديات المعاصرة بإيجابية مبهرة، بل واستطاعت أن تحافظ على خصوصيتها الاجتماعية والثقافية بشكل إيجابي وبناء، متفاعلة في الوقت ذاته بما تتطلبه العالمية من الأخذ بأسباب العلم والمعرفة والتزود بالمهارات اللازمة للقيام بدورها على النحو الذي أبهر العالم.

تحية لأم الإمارات وللمرأة الإماراتية على تلك الصورة الحضارية الرائعة والتي بفضلها أصبحنا نعتز بها وبإنجازاتها.