اللاجئون السوريون فروا من وحشية الحرب الإرهابية في سوريا وهربوا من مناطق الحروب في سوريا إلى الحدود التركية عابرين بحر إيجة الذي يقع بين تركيا واليونان برحلة قوارب الموت منها إلى اليونان وأوروبا، بعضهم وصل بأمان ليخوض التحدي بين الجوع والمرض، والبعض الآخر لم يصل ليكون طعاماً للحيوانات البحرية أو هدفاً للمصورين الصحفيين على الشواطئ بعد موته.

والآن باتفاق الاتحاد الأوروبي وتركيا والذي تقرر فيه وقف الهجرة الجماعية غير الشرعية إلى أوروبا عبر بحر إيجة، سوف يتم إعادة اللاجئين السوريين عابري أوروبا إلى بحر إيجة مرة أخرى بعبارات تنقلهم إلى تركيا إلى أجل غير معروف. مهما كان هذا الاتفاق الجديد يخدم الطرفين فإن اللاجئين السوريين هم من يدفع ثمن هذه الانتهاكات القانونية الدولية، كما وصفتها الأمم المتحدة، والذي إذا صح القول فإن اللاجئين السوريين سوف يكون الحكم عليهم " النفي إلى الموت " .

تجاوز عدد اللاجئين السوريين الـ 4 ملايين لاجئ، وهم اليوم منتشرون في تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر ودول أوروبا وشمال أفريقيا، وقد وفد إلى أوروبا حوالي 650 ألف لاجئ. ويذكر أن تركيا لها النصيب الأكبر من تواجد اللاجئين على أراضيها حيث بلغ عدد اللاجئين حوالي 1,8 مليون حسب تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وبدأ على الفور العمل بهذا الاتفاق بنفي اللاجئين السوريين من اليونان إلى تركيا، وفي أول رحلة كانت ممتلئة بجنسيات مختلفة منهم الباكستاني والبنجلاديشي والذين سوف يرحلون إلى بلدانهم وعدد قليل من اللاجئين السوريين. وقد أدرجت هذه الرحلة تحت عنوان " إعادة المهاجرين " وإن محور هذا الاتفاق هو اللاجئ السوري وليس المهاجرين من مختلف الجنسيات وهذا الغطاء سمي " تسويات فاسدة " لربما تكون من مصالح الأطراف.

لم يكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان راضياً بالبدء بالعمل بهذا الاتفاق حيث انه قال «إذا لم يتخذ الاتحاد الأوروبي الخطوات اللازمة ولم يؤد واجباته، لن تنفذ تركيا الاتفاق»، وأيضا عبرت الأمم المتحدة عن قلقها الشديد من هذا الاتفاق وأبعاده القانونية وقالت: « إن هذا الاتفاق قد ينتهك القانون الدولي».

تساؤلات كثيرة وأبعاد إنسانية وسياسية محتملة وخطر مؤكد يهدد باضطرابات أمنية على الأراضي التركية. وإذا لم تلتزم تركيا بتحسين ظروف الحياة لأكثر من 1,8 مليون لاجئ سوري على أراضيها مقابل المساعدات المالية التي سوف تقدمها الاتحاد الأوروبي، فإن الخطر محتمل وقريب سواء داخل أراضيها أو في قلب العواصم الأوروبية، وأن الاتفاق يلغى إذا لم تلتزم الأطراف بذلك.

حماية اللاجئين السوريين واحترام حقوقهم الإنسانية واجب قانوني على الدولة المضيفة العمل به ومنع الإساءة لهم من قبل مواطنيها المتعصبين هي من أولوياتها والتزاماتها تجاههم، إضافة إلى توفير فرص العمل والدراسة والتأمين الصحي والعيش الكريم لهم إلى حين رجوعهم إلى وطنهم سالمين قادرين على العطاء والبناء.

إلى متى خيبات الأمل والكآبة، وما يصيب اللاجئ السوري عندما يصل إلى أوروبا هارباً من الطغيان في بلاده، وأيضاً ملاحق ومعتقل بينما تتغنى أوروبا بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، كفاكم استهزاء باللاجئين السوريين. واليوم بحسب التقارير الدولية فإن هناك أكثر من 15 مليون سوري ضحايا العنف الدموي، قتلى ومفقودين، جرحى ومعتقلين، لاجئين ونازحين منذعام 2011. وعلى المجتمع الدولي الإسراع في المضي قدماً وبجدية لحل الأزمة السياسية والإنسانية في سوريا.