يعمل الإرهاب كاستراتيجية منظمه، ليفعل، وبشكل عنيف، للقيام بتغيير جذري في هيكل الدولة الاجتماعي والسياسي، تنفيذ استراتيجية كهذه، يؤدي إلى بلبلة اجتماعية شاملة في الدولة.

، وتفتح الباب للصراعات الطائفية وصراع بين طبقات المجتمع، لتهوي به إلى يد تلك الدولة الفاعلة، ولد الإرهاب إبان احتلال الاتحاد السوفييتي لأفغانستان، ونجحت بحد كبير في خلع السوفييت من أفغانستان، يا له من اكتشاف خطير ويحقق أهدافه، إن الإرهاب أتى من رحم أجنبي، ليس للعرب والمسلمين يد أو باع فيه.

أما القلاقل، فلها مذهبيتها الخاصة، فهي تتحلى ببث القلاقل الداخلية لدولة، وتعتمد على صنع الإعلام المضاد لتحقيق هدفها، واستخدمت استراتيجية القلاقل في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، وأدت إلى خلع كل من محمد مصدق في إيران، والملك فاروق في مصر، ويشكل العامل المشترك بين استراتيجية الإرهاب والقلاقل..

فالإرهاب يقوم بهدم هيكل الدولة بعنف وبسرعة، أما الثانية، تتبنى التغير التدريجي لهدم هيكل الدولة، إن الإعلام له دور فاعل في تغيير الرأي العام الداخلي، لتقبل الانتقال إلى الترتيب الجديد، أما الإعلام الخارجي، فهدفه تغيير الرأي العالمي، لتقبل محدثات الأمور التعسفية في تلك الدولة/الدول.

هذا، ويتطلب إشعال شرارة تهز العالم، كمثل حادث 11/09 في نيويورك، وإلصاقها بالعرب والمسلمين، ومن يذهب إلى (يوتيوب)، سيرى من وراء هذا الحادث.

ليس هناك شيء جديد في هذا الطرح، إننا نتعايشه، ويؤلمنا ما يدور حولنا، والغريب أنه لم يكن هناك إرهاب قبل ست عشرة سنة، وأتى ليضرب في عزة العرب، وأصبح العربي في عين العالم إرهابياً، والإسلام أصبح مقصوداً، كما نراه في الانتخابات الأميركية، والتطرف اليميني في أوروبا، إن من أشعل هذا الإرهاب، لديه أهداف خبيثة، ومن خلال الإعلام الدولي المضاد، طعن بعزة وكبرياء العرب، السؤال هنا يطرح نفسه، من هو ذلك المجرم الذي أشعل الإرهاب، وما أهدافه؟.

تسود الاختلافات في وجهات النظر في الانتلجنسيا العربية حول الإرهاب، وكيفية التعامل معه، وهناك عدة مدارس في الفكر العربي حول هذا الموضوع: 1- فهناك من يقول، إذا ما أزلنا الغبرة من أعيننا، فسوف نرى أن الإرهاب والقلاقل، ما هي إلا نتاج أجنبي، وعليه، فإننا لا نستطيع القضاء عليه، حتى تتحقق أهداف تلك الجهات الأجنبية، ودون ذلك، فإن أي مشروع من قبل العرب للقضاء على الإرهاب.

سيذهب سدى، ويبقى الشغل الشاغل لمعرفة ما الأهداف الأجنبية الموجهة علينا؟. 2- ومدرسة أخرى ترى أننا في سايكس بيكو الجديد، تخلف روسيا فيه حصة فرنسا في العالم العربي، وأميركا تخلف بريطانيا في باقي البلدان العربية، 3- ومدرسة أخرى، ترى أننا في إعادة بناء هيكل فوقي، قد بنته بريطانيا في بداية القرن الماضي، وعرف بالهلال الخصيب.

ويمتد من دمشق إلى الموصل، وينتهي في بغداد، والهدف الاستراتيجي منهم، حماية المنطقة من الأطماع القيصرية الروسية لبترول المنطقة، وبعد الحرب العالمية الثانية، توارثت الولايات المتحدة هذا الهلال الذي لم يستمر طويلاً، ما أدى إلى تشكيل هلال آخر، يبدأ من تل أبيب، مروراً بأنقرة، وينتهي في طهران، والمعطيات المستقبلية تشير إلى أن هذا الهلال لن يستطيع الوقوف، فعليه، يجب إعادة بناء الهلال الخصيب، وهنا، وفي نفس المدرسة، تيار يقول إذا سقطت دمشق بيد موسكو، فيجب إحلالها بمدينة عربية أخرى لتكملة الهلال الجديد.

4- ومن أهم المدارس «نهاية إسرائيل»،..ويترأسها هنري كسنغر عميد الواقعية في العلاقات الخارجية الأميركية، حيث أعلن أنه لن تكون هناك إسرائيل بعد 2022، هذا، وقد صرح رئيس إسرائيل قبل بضعة أشهر، بأن المستقبل يكمن في دولة واحدة، وأما جريدة هآرتس الإسرائيلية، التي كتبت مقالاً مقتضباً، وعنوانه «إسرائيل ستسقط دون أي طلقة نار»، توقعت إذا ما أتت الأغلبية الفلسطينية في الكنيست الإسرائيلي، سيمررون أول قانون لهم، بتغيير اسم إسرائيل إلى فلسطين.

والقانون الثاني، يسمح بحق العودة للفلسطينيين، ويعتبر سيناريو نهاية إسرائيل، أكثر تقبلاً على المستويات الدولية، وتفعيل برنامج كهذا، يتطلب أولاً: إيجاد مانديلا فلسطيني، ليصبح رئيس الدولة الجديدة، ليحافظ على مصالح الأقلية اليهودية، ثانياً: يتطلب إيجاد بيئة سلام واستقرار في المنطقة، لتحضن قيم هذه الدولة الجديدة.

إننا، وفي دولة الإمارات، تحوط بنا هذه التغيرات العنيفة، ولا نستطيع التعامل معها إلا عن طريق التماسك بالمستقبل، بتعزيز الأمن والأمان، وتعزيز القوة الضاربة للدولة لحماية مصالحنا الاستراتيجية، ويتطلب مستقبل الإمارات أهدافاً كبيرة، وتحقيقها سيأتي تحت استراتيجية لا نفط، وتحت هذه الاستراتيجية، هناك أهداف مختلفة، منها الوصول بالدخل القومي إلى تريليون دولار، ومؤسسات إماراتية ذات أرباح تفوق 100 مليار دولار، ولن يأتي ذلك، إلا عن طريق امتلاك التكنولوجيا التي تحتاج إلى مراكز أبحاث،.

ومحافظ وقفية لتمويل هذه الأبحاث، إننا في غضون الخمس سنوات القادمة، سنرى تعاظماً في هذا المجال لتفعيل العقل المفكر، أما العقل المنفذ، فيتطلب مهارات إدارية واستراتيجية وريادة الأعمال، إن استراتيجية ما بعد النفط، ستحتضن الجيل الرابع في دولة الإمارات، وستلعب الديمقراطية دوراً هاماً في تركيبة المجتمع الإماراتي، حيث سترى تعاظماً في الطبقة العاملة الإماراتية، تتجه إلى قطاعي الصناعة والخدمات..

وعادة يشكل الاستهلاك 70 % من الدخل القومي، ما يتطلب استراتيجية بناء طبقة اجتماعية متوسطة عريضة، ذات مستوى دخل عالٍ. إن هذه الرؤية جزء من منظومة متكاملة لتعزيز الأمن الاقتصادي لدولة الإمارات.