ما تعيشه سوريا اليوم بسبب الحرب الدموية هي مأساة كبيرة مفجعة، والطرق السلمية لحل الأزمة مسدودة، والأمل أصبح ميؤوساً منه، والسماء أصبحت سوداء في سطع النهار، أكثر من 15 مليون سوري ضحايا العنف الدموي، بين قتلى ومفقودين، وجرحى ومعتقلين، ولاجئين ونازحين منذ 2011، واليوم حلب تصرخ من شدة الألم والحزن، لم يشكل القصف خطراً على الأرض، لأنه لا أرض في سوريا.
بل دق ناقوس الخطر على مدينة حلب من القصف العشوائي تجاه المدنيين العزل والأطفال والنساء الأبرياء ورمي جثثهم في شوارع المدينة لكي يتفاخر به الإعلام المؤيد للنظام السوري، وفي ظاهرة تجردت من الإنسانية التقطت إحدى المذيعات السوريات صور سيلفي مع أبناء دمها وهم قتلى، مذبوحين مطروحين على أرصفة الطرق.
النظام السوري والعصابات الإرهابية كداعش وجبهة النصرة وغيرها من المنظمات الممولة من الخارج تحاول وبكل طاقتها نشر الذعر بين المدنيين لتحقيق مصالحها سواء مالياً أو سياسياً، وأيضاً لزعزعة الأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة.
ومما لا شك فيه أن بعض هذه المصالح مشتركة بين المتصارعين ومن يحركهم، لتأجيج الحرب ومحاولة خلق توازنات جديدة في الشرق الأوسط، محاولين أن يجعلوا من سوريا المحطة الأولى للإرهاب في العالم.
تشهد المدن السورية حصاراً شديداً، حيث تمنع الحكومة وصول مساعدات غذائية ودوائية إلى 905 آلاف شخص، وبالأخص في مدينة حلب، التي تشهد منذ أسبوعين تصاعداً في عمليات العنف باستهداف للمستشفيات والخدمات الطبية الضرورية لسكان يرزحون تحت حصار وظروف غير إنسانية بالغة الصعوبة.
عمليات القتل العشوائي والجماعي بحق المدنيين تتنافى مع جميع القوانين والأعراف الدولية والأخلاقية والإنسانية، ورغم أن بعض المشاركين في هذه الحروب يرفعون راية الإسلام، إلا أنها بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام التي تدعو إلى السلم والوئام، والتي لا تخدم إلا مصالح الطامعين الذين همهم استغلال الشعب السوري الشقيق.
سياسياً لم يشهد تاريخ الحروب في العالم في غالب الأحيان اتفاقاً وحلاً للخلاف بين الفصائل المشاركة بالحرب، بل تنتهي بخضوع المنهزم للمنتصر كما حدث في الحرب العالمية الثانية بين الحلفاء ودول المحور، ولا بد من تلافي دوامة الصراع ومعادلة المنتصر والمنهزم بالحلول السلمية السياسية التي تحفظ ما تبقى من دماء الأبرياء
. حل الأزمة السورية اليوم يقف عند نقاط مهمة، وأهمها هو الالتزام بالهدنة ووقف عمليات إطلاق النار والقصف الجوي العشوائي وقتل الأرواح، وفك الحصار عن المدن الكثيفة بالسكان لمرور الأغذية والدواء، وخضوع جميع الأطراف المشاركة في الحرب للجلوس على طاولة المفاوضات التي تشرف عليها الأمم المتحدة، والالتزام بالقوانين الدولية، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254 بشأن سوريا لتحقيق عملية الانتقال السياسي بهدف إنهاء النزاع ووقف أي هجمات ضد المدنيين بشكل فوري، ولن يحل السلام إلا بالالتزام بهذه النقاط.
على المجتمع الدولي الإسراع في المضي قدماً وبجدية في تقديم الحلول السياسية والإنسانية للأزمة السورية؛ لأن الوضع تحول إلى وضع مأساوي لا يطاق، كما أنه أصبح يشكل خطراً على دول الجوار، وبات أيضاً يصدر الإرهاب للعالم، ولا شك اليوم أن سوريا أصبحت ولادة للعصابات والمنظمات الإرهابية التي تنهب خيرات الشعب السوري، وتحتل أراضي شاسعة، وتعمل على قتل الأبرياء أمام مرأى من العالم.
دولة الإمارات وبفضل قيادتها الرشيدة سباقة دوماً إلى مساعدة الشعب السوري للخروج من أزمته وأوضاعه المأساوية، كما أنها أعربت عن قلقها الشديد إزاء تصاعد وتيرة استهداف المدنيين وخاصة في مدينة حلب، مشددة على أن هذا المشهد يستصرخ الضمير العالمي لكي يتحرك سريعاً لحقن دماء السوريين.