بدأ صبر قطاعات أميركية متزايدة الاتساع والنفوذ ينفد من سياسات أوباما حيال المسألة السورية، التي حولتها إيران إلى مسألة إقليمية، وروسيا إلى قضية دولية، دون أن تواجه إدارته تحولاتها هذه بما تستحقه من اهتمام سياسي وردود مناسبة.

ومع أن أميركا ربحت الكثير من سياسات أوباما السورية، فإن المتذمرين يبدون وكأنهم قرروا ممارسة بعض الضغط عليه، بتركيزهم على سياسته حيال الإرهاب، وما قام به ميدانيا لمواجهته، وانتقادهم تصريحاته عنه، التي يعتبرونها اعلانات كلامية تدعي كذباً ان محاربة الإرهاب اولوية اميركية، رغم انه نفى في تصريحات عديدة أنه يمثل تهديداً لأمن الولايات المتحدة.

ماذا يقول نقاد أوباما؟. إنهم يوجهون إليه تهمة الاستخفاف بالإرهاب والافتقار الى الجدية في محاربته، ويقولون إن سياساته السورية وضد «داعش» خاطئة وتخلو من أولويات صحيحة، وانه لا يشن حرباً استراتيجية الابعاد ضد التنظيمات الإرهابية، بل يحاربها بحسابات تكتيكية لا تستهدف القضاء عليها، ويستشهدون على ذلك بأدلة وامثلة تتصل بخيارات وخطط قدموها اليه، بتكليف ومساندة من المخابرات المركزية، آن كان «داعش» و«النصرة» في طور النشوء، وكان حزب الله خارج سوريا، إلا أنه رفض مناقشتها او الاستجابة لتوصياتها، وسمح ببروز التنظيمين، اللذين اتهمهما لاحقاً بالإرهاب، وتعامل معهما وكأنهما قوتان هامشيتان، بينما كانت فاعليتهما تتعاظم بلا انقطاع، وكان دور«داعش» في مقاتلة الجيش الحر يقوض قدرات ومكانة «العناصر المعتدلة»، التي لطالما ادعى انه حليفها، ويعمل على تقويتها وتنظيمها، ويعتمد على قدرتها في كبح جماح الإرهاب ودحره.

يقول احد كبار مسؤولي المخابرات، الذين رفض اوباما تقاريرهم، إن الرئيس تجاهل أدلة موثقة ومصورة تثبت خطورة انتقال «داعش» من الرقة إلى السخنة وتدمر وريف حمص، وان سلاح الجو الأميركي حلق فوق قوافل التنظيم، التي كانت تتحرك على مئات الكيلومترات من الطرق المكشوفة، دون ان يتلقى الأمر بقصفها، مع أنه كان يستطيع إبادتها. تفرج اوباما على «داعش» وهو يعبر الصحراء، مثلما تفرج على النظام وهو يسلمه مدينة «تدمر» بما فيها من سلاح وذخيرة ووقود، دون قتال، ولم يغير نظرته إلى الأسد كخصم محتمل لـ«داعش» يمكن التعاون معه ضده، مع أن تمسكه به أدى إلى نجاة «داعش» من ضربة ساحقة كان تنفيذها سيفتح الطريق الى الرقة، عاصمة خلافته، وسيحدث تحولا جديا في علاقات القوى على الأرض السورية وخارجها، تفوق نتائجه كثيرا ما تم تحقيقه خلال العام المنصرم عبر عمليات القصف الجوي والإغارات البرية على مراكزه ومعسكراته، وكان مشتتاً ومحدود التأثير.

حسب رأي العقيد فوكس، رجل المخابرات المركزية الذي تولى جمع المعلومات عن «داعش»، وتعاون مع عديد من اجهزة المنطقة ومخابراتها، ترك اوباما «داعش» ينمو وينتشر، قبل ان يتدارس مع مستشاريه سبل مقاومته. وعندما قرر بالفعل، تبني القدرات العسكرية والخيارات السياسية لطرف انفصالي كردي قبل القيام بدور قوة برية بديلة للجيش الأميركي في الحرب على الإرهاب الداعشي، الأمر الذي قلص جداً مردود الحرب، وحولها إلى مستنقع تتخطى مشكلاته الارهاب ومخاطره، قد يترتب على غرق اميركا فيه انخراط طويل الأمد في صراعات معقدة /‏‏ متشابكة، سيكون من الصعب التحكم فيها، اذا واصل اوباما سياسة عدم التدخل، في حين سيزيد تخليها عن هذه السياسة وغرقها في تناقضات وخلافات وحروب الأطراف المحلية والإقليمية، المتنافسة والمتعادية، طين المشكلات الأميركية بلة.

هل مارس اوباما عن عمد سياسات متقطعة ولحاقية في الحرب ضد الإرهاب، تشبه تلك التي مارسها في الموضوع السوري؟. هذا ما يقوله نقاد سياساته الأميركيون، ويثبتونه بأدلة ووثائق رسمية لا تدحض، ويأخذه عليه بشدة معارضون سوريون كثيرون تتزايد اعدادهم من يوم ليوم. بالمقابل، ترد إدارته أن اميركا حققت بفضل سياساته ودون ان تخسر جنديا او دولارا واحدا، أكثر مما كان يحتمل ان تحققه بواسطة حرب خسائرها فادحة؟.

مهما يكن من امر، فقد قدم مسؤولون أميركيون للعالم وثائق تثبت ضلوع اوباما في ادارة ازمة سوريا وسفك دماء السوريين، وانتهاجه سياسات أدت إلى قتل مئات آلاف، وتهجير وتشريد وتجويع الملايين منهم، وأنه فعل ذلك عن عمد، وحققه بأيد متنوعة بينها يد الإرهاب، التي تظاهر كذباً بتصميمه على قطعها!