انعقدت القمة الخليجية التشاورية 16 في جدة ومن أبرز مقررات وتوجيهات هذه القمة ما ذكره وزير خارجية السعودية عادل الجبير في الاتفاق على تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين بالنسبة لمجلس التعاون الخليجي، والاتفاق على عقد اجتماعات بشكل أكبر لوزراء الخارجية والدفاع والداخلية، بالإضافة الى تشكيل هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية وتسريع وتيرة العمل المشترك لتحقيق الأهداف التي نص عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون.

كما كان لليمن نصيب من مواصلة الجهود لدعم التنمية والاستقرار في أراضيه وتمت مناقشة التدخلات الإيرانية في الدول الخليجية والإقليم. ومن خلال متابعتي أجد ان القمة التشاورية 16 حددت لها هدفين أساسيين وهما الأمن والتنمية الخليجية وهي في الواقع من أولويات الدول الرصينة، والتي توفر لمواطنيها والمقيمين عليها الأمن ورخاء العيش وتطوير القدرات البشرية. ومن أبرز ما أتوقعه من نتائج القمة التشاورية 16 والخطوات اللاحقة لها هي، الشأن السياسي والدبلوماسي الخليجي.

سوف يتكثف مسار مجلس التعاون الخليجي السياسي والدبلوماسي كما كان مستمرا خلال السنة الماضية، فالسعودية تقوم بالتباحث مع الدول الكبرى بشأن الوضع السوري، فمن التواصل والتنسيق مع واشنطن، الى الالتقاء في موسكو، والتباحث والتنسيق مع الجانبين الفرنسي والبريطاني في لقاءات مستقبلية محددة ومرسومة، وإذا نظرنا الى خارطة التحرك السياسي والدبلوماسي لدولة الإمارات العربية المتحدة نجدها تتوجه نحو الصين وباكستان والهند، بالإضافة إلى علاقاتها المشتركة مع دول السوق الأوروبية المشتركة، وخصوصا الجانبين الفرنسي والألماني، وعلاقاتها الوثيقة مع موسكو والولايات المتحدة، أما دولة الكويت فهي على المستوى الدبلوماسي تستضيف اللقاء بين الأطراف اليمنية برعاية الأمم المتحدة للوصول لتطبيق صحيح لقرار مجلس الأمن الذي صدر بشأن اليمن رقم 2016، كما أن الكويت تساهم بشكل واضح في استضافة المؤتمرات الإنسانية الخاصة باللاجئين عموماً والوضع السوري خصوصاً، وتلاقي هذه التحركات السياسية والدبلوماسية دعماً من دولة قطر ومملكة البحرين وسلطنة عمان.

الشأن الدفاعي. إن عقد مؤتمرات ولقاءات لوزراء الدفاع لمجلس التعاون الخليجي بشكل أكثر من المعتاد قد يكون لمتابعة وتنسيق وتنفيذ بعض الأمور الاستراتيجية العسكرية كتشكيل القوة الخليجية المشتركة وتفعيلها ورفع التنسيق العسكري المشترك بين دول المجلس وتخصيص أو تشكيل قوات خاصة لمكافحة الإرهاب تكون لها القدرة على العمل خارج الإقليم الخليجي وفي بعض الدول المجاورة له. الشأن الأمني.

أصبح التنسيق الأمني الاستخباري الخليجي على مستوى عال في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والجرائم العابرة للحدود ومكافحة المخدرات فالعمليات التي قامت وتقوم بها قوات الأمن السعودي والكويتي والإجراءات الخليجية لمكافحة الإرهاب أجدها قد قامت بتقليص وتحجيم خطر الجماعات الإرهابية وحدت من حركة التنظيمات الإرهابية وقدراتها، أما بالنسبة للتدخلات الإيرانية والخلايا التي تزرعها دولة نظام الملالي والحرس الثوري الإيراني فها نحن نشاهد المحاكمات القانونية الجارية لمحاكمة أفراد هذه الخلايا في كل من البحرين والسعودية والكويت.

الشأن الاقتصادي والتنموي. تم تشكيل وتفعيل هيئة الشؤون الافتصادية والتنموية لتسريع الإجراءات الاقتصادية بين الدول الخليجية كالسوق المشتركة والأمور التابعة لها وبصلاحيات تنفيذية عالية المستوى، مما يشير إلى رغبة دول المجلس في حسم المراوحة المستمرة في بعض شؤون الملف الاقتصادي، والوصول إلى حل يرضي الجميع. أعتقد أن دول مجلس التعاون الخليجي وبعد أن تعرضت لامتحانات سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية صعبة قد تجاوزت هذه الأزمات عبر طرح الرؤى المستقبلية الخاصة بكل دولة ومحاولة تناغمها مع مسار دول المجلس المستقبلي، وأن دول المجلس تتجه نحو رسم استراتيجية متطورة تحافظ على الأمن والتنمية بينها.