العلم أساس المعرفة، وهو النور الذي يضيء للأمم طريقها، فتبني حضارتها، وتنهض بعقول أبنائها، ليكونوا مشاعل نور بين الأنام، ترتقي في أفق المجد البعيد، فينتشر الرخاء والازدهار، وتختفي معالم الجهل والتخلف، وتنتشر التنمية، وتدور عجلة الاقتصاد في تسارع، فالعلم أقوى سلاح لمواجهة مشكلات الحياة المختلفة وتحدياتها المستعصية، واستخراج الحلول التي تسعد الإنسانية، وتحقق لها الخير في كل مجال، وأول كلمة أُنزلت في القرآن الكريم هي «اقرأ»، فأمة الإسلام أمة العلم والقراءة والمعرفة، وهذا الخطاب الإلهي يحث هذه الأمة على أن تكون أمة القراءة.

وفي بادرة فريدة من نوعها أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «رعاه الله» حملة «أمة تقرأ»، والتي ستستهدف توفير 5 ملايين كتاب للطلاب المحتاجين في مخيمات اللاجئين وحول العالم الإسلامي بالإضافة لإنشاء 2000 مكتبة حول العالم الإسلامي، ودعم البرامج التعليمية للمؤسسات الإنسانية الإماراتية في الخارج، وهي بادرة تترجم الدور الحضاري الرائد لدولة الإمارات في نشر العلم والمعرفة حول العالم.

تمكن سموه من رسم المستقبل الواعد للأجيال بهذه المبادرة الرائدة، والتي تطمح إلى تكوين جيل متسلح بالعلم والمعرفة، وتثقيف العقول وإنارتها، وغرس قيم التسامح والسعادة فيها، لتنثر في ربوعها بذور التقدم والمعرفة، فبالعلم تبنى المجتمعات وتتطور.

وبحسب تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف فإن كثيراً من الأطفال اللاجئين السوريين قد ولدوا منذ بدء النزاع في سوريا قبل خمس سنوات، واليوم هؤلاء الأطفال ترعرعوا ولم يعرفوا سوى العنف والخوف والنزوح، مما يمثل خطرا بالغا على نمو أدمغتهم، وخطراً كبيراً على نفسياتهم وعلى مستقبلهم، وشريحة الطلاب المحتاجين في مخيمات اللاجئين وحول العالم الإسلامي هم الأكثر احتياجاً لهذه المبادرة، فلطالما ارتبط بعضهم بالجهل العلمي والتخلف الثقافي نتيجة الظروف القاسية التي لم تتح لهم سبل العلم والمعرفة.

بات هذا الحلم الجميل واقعا يتحقق لهذه الشريحة التي تقطن المخيمات منذ سنوات، ولم تر النور بل رأت الظلام، وهي الآن سترى النور من جديد، فبحمد الله وتجاوباً مع المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم دشنت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وبمتابعة من سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية رئيس الهيئة «رعاه الله» فعاليات حملة «أمة تقرأ» في مخيمات اللاجئين في الأردن والعراق، لتتزود هذه الأجيال من العلم والمعرفة، وتنهل من معين الثقافة المستنيرة، فغذاء الروح والعقل لا يقل أهمية أبدا عن غذاء البدن والجسد.

وقد أخذت المبادرة ومنذ يومها الأول الكثير من الاهتمام من أهل الخير، وخاصة وأنها انطلقت في شهر الخير، وهي تتجه والحمد الله إلى مسارها الصحيح والى تكملة العدد المطلوب وربما أكثر بعون الله تعالى وقبل العد التنازلي للشهر الكريم، وهذا وإن دل فإنما يدل على أن دولة الإمارات قيادة وشعباً يتسابقون إلى الخير، بل إن دولتنا الحبيبة تنافس الدول العظمى في توصيل المساعدات الإغاثية والغذائية إلى الفقراء والمحتاجين حول العالم، واليوم وبهذه المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد فإنه يضع دولة الإمارات أيضاً في سباق نحو نشر الثقافة والمعرفة والعلم حول العالم، في خطوة رائدة هي الأولى من نوعها في أرجاء المعمورة، لتكون دولة الإمارات في مقدمة هذا الركب.

شكراً لك سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «حفظك الله ورعاك» حامل لواء المعرفة والعلم.