قبل قيام مؤامرة وخديعة الربيع العربي «الخراب العربي»، كان الشعور بالولاء والانتماء للوطن الأم وللبقعة الجغرافية طاغياً في معظم الدول العربية، وكان الوطن يمثل كل شيء بالنسبة للشخص المغترب أو المواطن أو المقيم العربي، فنجد التغني بحب الوطن والتوجد ببعض أماكنه وبلداته، وبالنسبة لنا في دول مجلس التعاون الخليجي فحب الوطن وحكامه والدفاع عنه والولاء والإخلاص له، هو واجب، وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد: «الدفاع عن الوطن فرض وليس بسنة»، وقد أصابت منطقة الخليج بعض من ارتدادات الخريف العربي، وقد ظهرت على شكل تظاهرات ومسيرات كما في البحرين والكويت، أو قيام بعض كتاب ومنظري أصحاب الأيديولوجيات الخارجية والمتسترة بعباءة الدين بتمرير رسائل التحريض والثورات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وقد عرفناهم بلحن قول ألسنتهم التي تبدي ما خفي في قلوبهم وكتبته أصابع أيديهم، وتشير دائرة المعارف البريطانية إلى أن المواطنة علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، متضمنة مرتبة من الحرية وما يصاحبها من مسؤوليات وتسبغ عليه حقوقاً سياسية مثل حقوق الانتخاب وتولي المناصب العامة.
وميزت الدائرة بين المواطنة والجنسية، إذ إن الجنسية تضمن إضافة إلى المواطنة حقوقاً أخرى مثل الحماية في الخارج. في حين لم تميز الموسوعة الدولية وموسوعة كولير الأميركية بين الجنسية والمواطنة فالمواطنة في (الموسوعة الدولية) هي عضوية كاملة في دولة أو بعض وحدات الحكم، وتؤكد الموسوعة أن المواطنين لديهم بعض الحقوق مثل حق التصويت وحق تولي المناصب العامة وحق التعليم، وكذلك عليهم بعض الواجبات مثل واجب دفع الضرائب والدفاع عن بلدهم والالتزام بقوانينه والولاء لقيادته ورايته.
والولاء للوطن الذي نشعر بحبه وتقديره وجهوده هو واجب ديني ووطني، فرسولنا الكريم ذكر حبه لوطنه مكة، وقام بالدفاع عن وطنه المدينة في سبيل نصرة الدين والدعوة، وفي دولة الخلافة الأموية والعباسية نجد أن هناك الكثير من العرقيات والديانات تعيش تحت حمايتها ورايتها، وتعمل وتحافظ على احترام قوانينها ومبادئها والإخلاص لها وفي دولة القرن 21 وحتى في الدول الحديثة، نجد أن الدول تحتوي تحت ظلالها عرقيات وديانات متعددة ولكنها تجتمع وتتفق على حب الوطن وقيادته وتقوم بالدفاع عنه وتضحي بالأرواح في سبيله وسبيل رايته لكي يبقى هذا الوطن لأجيالهم القادمة، ولكن مع الأسف الشديد ظهرت لدينا دعوات تبرر الخيانة للأوطان وقيادتها والقيام بالثورات كجزء من حراك سياسي متحضر، وهو ما قاد العديد من شعوب المنطقة إلى الخراب والدمار، وقد تزعم وقاد هذه الدعوات بعض شيوخ التأسلم السياسي متسترين بحب الناس وتقديرهم لهم كرجال دين وليس كرجال سياسة، وقد بالغ بعض شيوخ وعلماء الفتن في تهييج الرأي العام والشارع كوسيلة ضغط ضد قادة الدول والتخابر مع الدول الأجنبية صاحبة المنهج الطائفي الأيديولوجي، مثل ما تقوم به إيران حالياً من استغلال بعض الفئات في بعض الدول الخليجية في بث حالة من عدم الاستقرار والفوضى لنشر مشروعها التوسعي تحت مسميات طائفية، وقيامها باحتضان أصحاب الولاءات المزدوجة تحت شعارات دينية طائفية، وتناسى هؤلاء الخونة دور أوطانهم في تعليمهم وحضانتهم وحمايتهم وتوفير الملجأ الآمن والعيش الرغيد لهم، فقد أعماهم الطموح السياسي – الطائفي عما قدمته وما تقدمه قيادات هذه الأوطان من سعة صدر وصبر.
أيها الخونة، الولاء للوطن وقياداته التي صبرت على ضنك السنوات وقسوة الطبيعة حتى غدت بلادنا قبلة للباحثين عن الرزق والعيش الكريم وواحة للخائف والمستجير، فعودوا إلى رشدكم فالأوطان باقية وقياداتها جزء من شعوبها، أما طائفيتكم فأرسلوها لمركز صناعاتها التي لا يشعر مواطنوها بالأمن وبالرخاء الذي نعيش به واتقوا الله الذي أنعم علينا وعليكم واشكروه لتدوم النعم عليكم وعلينا.