كشر الإرهاب عن أنيابه وبلغ جنونه مداه باستهداف المسجد النبوي الشريف في مدينة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في سابقة تدل على مدى انحراف وخطورة الفكر الإرهابي الذي يحمله «داعش» والمتأثرون به، وأنه لا يحترم شيئاً، حتى الأماكن المقدسة لدى المسلمين، فالمسجد النبوي الشريف هو ثاني الحرمين، وأعظم المساجد في الأرض بعد المسجد الحرام، واستهداف داعش له يدل على أن هذا الفكر أجنبي تماماً عن الإسلام، ولا يمكن لعاقل أن يشك في ذلك بعد هذه الأحداث المؤلمة التي كشفت عن القبح المتناهي للفكر الداعشي.

لقد تأثر العالم الإسلامي بأسره بأحداث تفجيرات المدينة المنورة والتفجيرات الأخرى في المملكة العربية السعودية والعراق، ومما لا شك فيه أن إراقة الدماء عموماً تعتبر جرماً يتنافى كلياً مع الدين الإسلامي الحنيف، ولكن تأثرنا الكبير بتفجيرات المدينة المنورة هو أن الشر الغاشم قد وصل إلى المسجد النبوي، ولولا الإرادة الإلهية ثم الأمن السعودي اليقظ الذي تصدى للإرهاب بعزم وقوة لحدث ما لا تحمد عقباه.

إن هذه الجرائم الإرهابية باسم الدين هي خيانة للدين الإسلامي الحنيف بكل تأكيد، فالإسلام ينهي عن هذه الأفعال ويحذر منها غاية التحذير، فهؤلاء الذين يرتكبون هذه الأفعال الإجرامية خونة للإسلام والمسلمين، وخيانة الدين خيانة لله والرسول، يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون)، وجاءت أحاديث نبوية تحذر من ترويع أهل المدينة وإيذائهم، وتبين أن جرم هذا الفعل عظيم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء»، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أخاف أهل المدينة أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً».

وهذه الأحداث تبين لنا أن أشد ما يحارب به الإسلام هو الإرهاب، فهو يسيء إلى تعاليمه السمحة، وينشر عنه انطباعات سيئة بعيدة عن جوهره الحق، ومن واجبنا كمسلمين أن ندافع عن ديننا الإسلامي الحنيف بمحاربة الإرهاب، ورفض كل صوره وأشكاله، وكشف زيف أفكار التطرف، فديننا دين الرحمة والتسامح والأخلاق الحميدة، قال الله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).

إن الدعاة المفسدين هم السبب في كثير مما تمر به الأمة الإسلامية من محن ومصاعب، فهم يحللون العمليات الانتحارية والتفجير واستهداف الأرواح والممتلكات والأماكن المقدسة، ودعاة تخريب للبلدان تحت شعار الجهاد المزيف البعيد تماماً عن سماحة الدين. على الأمة الإسلامية والعالم أن يكونوا على قلب رجل واحد في محاربة الإرهاب وإخوان الشياطين داعش وغيرها، ومحاربة الفكر المتطرف الذي أحرق قلوب أكثر من ملياري مسلم على وجه الأرض بتدنيسه مقدسات وحرمات المسلمين بأفعالهم الشنيعة، والتي تدل على منتهى الخسة والدناءة.

وعلى المجتمع الإسلامي والعربي أن يبدأ حملات توعية لأفراد الأسر، بما فيهم الأطفال والبالغين، بمخاطر هذا السرطان الذي انتشر وباؤه في الأجهزة الذكية التي يحملها الأطفال، وحتى الألعاب الإلكترونية التي يقضي البالغون وقت فراغهم فيها، كما على أرباب الأسر أن يحرصوا على اختيار أبنائهم للأصدقاء الصالحين وابتعادهم عن رفقاء السوء. تحرص القيادة الرشيدة في دولة الإمارات على توفير الحياة الكريمة للشباب الإماراتي والمقيم في الدولة، وتوفير سبل الراحة لهم، وتوعيتهم بالقيم الوسطية، وتحصينهم من الأفكار الإرهابية، وتحذيرهم منها، يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله: «هؤلاء المفسدون يحاربون ديننا الإسلامي الحنيف، يحاربون الرحمة والتسامح والسلام، يحاربون البشرية والإنسانية بأعمالهم الإجرامية».