بالنظر إلى تبقي بضعة أيام فقط على انتهاء السباق الرئاسي البشع، حتى النخاع، فإن لدى الأميركيين، أخيراً، خياراً واضحاً، يتمثل بهيلاري كلنتون التي تواجه دونالد ترامب.

هيلاري كلينتون، أميرة الثلج في المؤسسة الأميركية، المخادعة المتمرسة، التي بإمكانها جعل نيكسون يظهر كملاك، هي محبوبة النخب الحزبية المرتعبة، ويحميها حراسها البارعون، الموجودون في وسائل الإعلام، ممن يتجاهلون هفواتها للتركيز على هفوات ترامب.

أما دونالد ترامب، فهو صاحب الوجه الهمجي على بوابات المؤسسة، الذي يطال بخطاباته الغاضبة النخب المتغطرسة، هو مثل، الرئيس الأميركي السابع أندرو جاكسون، في زماننا.

لقد أمضى ترامب سنوات عديدة وهو يتباهى بعلاقاته مع الجنس الآخر، ليتصرف مثل زير نساء، شأنه شأن بيل كلينتون. بيد أنه غاضب للغاية، حالياً، من مزاعم الاعتداءات الجنسية، ويهدد، مثل أي مهرج، باستخدام قوة الحكومة الفدرالية ضد أعدائه.

إن عملية إعادة الصف السياسي مقبلة، وذلك بصرف النظر عن طريقة انتهاء هذه الانتخابات. إلا أن ذلك لن يحدث، لفترة وجيزة.

وفي هذه الأثناء، فإننا ننتظر، مذهولين. وفي غضون أسابيع قليلة سنصبح جميعنا شجعانا للغاية. ولهذا السبب، على الأغلب، يحلم الأميركيون بأخذ حمام طويل وساخن لفرك أدمغتنا بالصابون.

الحملة الرئاسية الآن توجه ضربات أسفل الحزام، وهو المكان الذي ترغب هيلاري كلينتون بالتركيز عليه، بشكل يائس. ويتلخص الأمر كله باستخدام تاريخ دونالد ترامب المتعلق بمزاعم الاعتداءات الجنسية، وذلك للقضاء عليه بالنسبة إلى الناخبات الإناث. وهو ما يعد أمراً مهماً لكلينتون، لأنه يصرف نظر وسائل الإعلام عن رسائل «ويكيليكد»، التي قد تخرب حملتها.

تلعب هيلاري كلينتون اليوم، والتي تدافع عن الفضيحة الجنسية الرئاسية السابقة لزوجها، على أوتار المشاعر للحصول على ما تريد، ألا وهي السلطة.

لقد مضت النساء قدماً ليخبرن قصصهن عن ترامب، وذلك ممن بلغ الأربعين عاما، وهو أمر قد تم استنكاره ورفضه، على نحو بالغ، من قبل ترامب، إلا أنه كان بمثابة فعل ممتاز لكل من التلفاز وهيلاري كلينتون.

لقد جن جنون اليسار السياسي بشأن ذلك كله، ونشطت وسائل الإعلام، ليظهر الجميع غاضبين إلى حد اللهاث.

ولكنهم وللأسف، لم يكونوا غاضبين إلى ذلك الحد عندما كان أسدهم الليبرالي، تيد كندي، يحضر «شطائر النادلات» في واشنطن.

لقد عفت المنظمات الإخبارية للمؤسسة عن كندي بالنسبة إلى اعتداءاته الجنسية، حتى على الرغم من أنه كان في يوم من الأيام يقود سيارته مخمورا، وقد سبح بعيداً تاركاً السكرتيرة ماري جو كوبتشين تغرق.

لقد كان تيد كندي ليبرالياً، بينما ترامب ليس كذلك. وبالتالي فإن الأخير ليس لديه عذر.

أما الآن تتصنع هيلاري كلينتون ذاتها، وتقول لإلين دي جينيريس خلال برنامجها على شاشة التلفاز إن ترامب كان يترصدها خلال مناظرتها الأخيرة، قائلة كلينتون: «كان يحاول السيطرة علي وقد ترصدني على المسرح بالفعل». مضيفة: «أشعر بوجوده حولي، وهذا أمر غريب بالفعل. كنت أحاول الاستمرار في التركيز والحفاظ على رباطة جأشي».

سيدة كلينتون، رجاءً أبقى على رباطة جأشك، رجاءً. لقد كانت كلينتون مدركة للأمور التي يجب أن تركز عليها، وهي تستغل العواطف والمزاعم الجنسية حتى انتهاء هذه الحملة. وبالتالي، جرى تجاهل رسائل كلينتون البريدية المخترقة من «ويكليكس». ولهدف ما فإن الأحزاب اليسارية تشكك في كثير من الأمور، وقالت إن ذلك من أفعال الروس، على الرغم من أنه عندما قام جوليان أسانج، مؤسس «ويكيليكس»، بنشر معلومات عن وزارات أخرى، ووضع أميركا في وضع محرج، عمد اليسار لاحتضانه كبطل قومي.

تقدم تلك الرسائل الإلكترونية كشوفات مهمة عن أحلام كلينتون في خطاباتها، التي لا حدود لها، بالنسبة إلى مصرفيين من البرازيل، فضلاً عن التواطؤ المحتمل بين وزارتي العدل والخارجية لحمايتها في فضيحة بريدها الإلكتروني الخاص، والكثير من رسائل البريد الإلكترونية التي يتم الكشف عنها، يومياً.

يكمن أحد أكثر الأمور المخيفة والباعثة على الاحتقار في خطة الديمقراطيين لبناء ودعم المجموعات المتقدمة لتقويض الكنيسة الرومانية الكاثوليكية.

يجب أن يكون هذا أمراً مركزياً في الحملة. إذ يميل الكاثوليك والبروتستانت وترامب للتركيز على بعض أكثر العبارات المتعصبة التي أوردتها كلينتون في رسائل بريدها الإلكتروني.

إننا في القاع. وليكون لنا أمل بالفوز، كان يتوجب على هيلاري كلينتون أخذ دونالد ترامب إلى ذلك المكان. وهو الآن يدور في ذلك الفلك. ولكن ماذا عن بقيتنا؟