لم يكن لترامب أن يكون مرشحاً للرئاسة، لولا بيل وهيلاري. فقد مهدا الطريق له، وقد يقول المرء إن بيل وهيلاري قد منحا دونالد ترامب التمتع بالحياة السياسية.
إني أدرك أن مصير المحكمة العليا ومستقبل الاقتصاد الأميركي يقع بشكل متوازن مع الانتخابات. وبالتالي، فإن التفكير بترامب، باعتباره «الطفل الكرتوني الأسطوري» لبيل وهيلاري كلينتون، يعد أمراً غريباً، على أحسن تقدير. ولكن حالياً، وبما أني بدأت بتشكيل تلك الفكرة في أذهانكم، فلا يمكنكم محو الأمر ببساطة. وبالتالي، يمكنكم التفكير به، ولو للحظة.
إن الإعلام الأميركي مشغول للغاية، ويطغى عليه ما يمكن تسميته بمتلازمة تشويش ترامب. لقد أيدت تلك الوسائل هيلاري، وحسمت بقبضتها الخوف والغضب المناهض لترامب، يوماً بعد يوم. لقد فهمت الأمر. فمعظمهم من الديمقراطيين الليبراليين، ممن يريدون انتخاب هيلاري لا ترامب.
وإني بالتأكيد لست مغرماً بكلينتون، إلا أن ترامب ليس الشخص الذي أطمح إليه، تماماً. لقد كنت أؤيد عضو مجلس الشيوخ لولاية كنتاكي، راندال هاورد بول.
ومع وجود الكثير من الأحاديث المؤيدة للأحزاب في وسائل الإعلام، فإنه من غير الممكن بالنسبة إلى البعض، إدراك فكرة أن كل من هيلاري وبيل كلينتون قد هيئا الطريق لدونالد. ولكنهما فعلا ذلك بالفعل. ولكن لم تتم متابعة ذلك الأمر.
لقد أنشأ كل منهما ترامب من رغبتهما الشديدة للحفاظ على السلطة عند تهديدها، ومن سنوات الكذب الكثيرة بشأن أفعال بيل، التي لا تنتهي أبداً، في البيت الأبيض. لقد ساعد كل ذلك على خفض المعايير الرئاسية. إذ لم يكن الأمر متعلقاً بسؤال بيل كلينتون عن عزفه على آلة الساكسفون، أو الملاكمة، في أحد البرامج الإذاعية.
بل كان الأمر يتعلق بالدفاع عما فعله في المكتب البيضاوي، وبمحاولة إقناع الأميركيين بأن الأمر لم يعدُ عن كونه فضيحة جنسية، وحسب. وأن تلك المسألة خاصة، وليس للأميركيين أي علاقة بما يحل بزواج عائلة كلينتون. وبالطبع، لم يكن الأمر خاصاً، ولم يتعلق بالزواج. بل بسياسيين يخربون المعيار العام، ويبدلونه بشيء يلائم طموح كلينتون. وهو ما سمح أخيراً بترشح ترامب، ونموه بقوة كافية للتهديد بابتلاعهم.
تمتلك وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، الكثير من المهارات السياسية والتنظيمية. ولكن ليس هناك الكثير من ذلك في مجموعة إنجازاتها. ليس مع ليبيا ولا مع سوريا. ولا مع أكثر مساعديها الذين يتلقون الحصانة في مسألة بريدها الإلكتروني الخاص.
وبالتالي، فإن سياسة كلينتون تشي بتشويه صورة ترامب. لقد تم اعتبار مساعدها كشيطان ساذج حريص على مساعدتها للخروج من المأزق، ألم يكن كذلك؟، ولحملاتها الإعلامية بشأن عنصرية ترامب على أساس الجنس وفظاظته، وذلك لأن ترامب مبتذل ومتحيز جنسياً نوعاً ما، لكن تلك ليست أكبر خطاياه.
والأمر الذي يؤدي لقرع طبول الإعلام القبلي، هو أن نساء الضواحي يمكنهن تقرير نتائج هذه الانتخابات، وأن كل شيء قد تم فعله، هو فقط لإبعادهن عن الشرود عن هيلاري كلينتون.
ليس لدى ترامب البراعة اللفظية لاستحضار ما حدث في البيت الأبيض في عهد الرئيس بيل كلينتون، وبالتحديد في السابع عشر من نوفمبر من عام 1995. وبالتالي، فإني أحيل القارئ إلى مونيكا لوينسكي، التي كانت توجد في مكتب كلينتون، في فضيحة جنسية عرفت أصداؤها لاحقاً.
لقد كانت لوينسكي في المكتب البيضاوي تتناول البيتزا مع الرئيس بيل، إبان رده على الهاتف مع الجمهوري الأميركي «سون كالاهان». إذ كان بيل كلينتون يحاول الحصول على الدعم لمهمة حفظ السلام العسكرية في يوغوسلافيا التي قسمتها الحرب سابقاً.
وكتب كالاهان في بيان عمود يعود لعام 1998، وقد اقتبست منه: «أدعو مجدداً للحديث مع الرئيس خلال الوقت الذي كان يسعى فيه للحصول على مساعدتي من أجل المهمة الأميركية في البوسنة». «إلا أني لا أتذكر أي سلوك غير لائق أو تعليقات من الرئيس خلال محادثتي». وأضاف: «ليس لدي أي معرفة بأني كنت أتقاسم وقت الرئيس أو انتباهه مع شخص آخر».
قد يكون كالاهان قد فهم الموضوع، لكن ليس بوسعي فهمه، كما أن الدفاع عنه هو فساد في حد ذاته.
وقتها، كافح كل من هيلاري وبيل للاحتفاظ بالسلطة، ودعمهم حلفاؤهم في وسائل الإعلام. وبأخذ عائلة كلينتون في الحسبان، فإن الأمر لا يتعلق أبداً باحترام المرأة أو القلق من السلوك البربري. الأمر دائماً ما يتعلق بالسلطة.