تركز حملة هيلاري كلينتون بلا هوادة على عيوب دونالد ترامب، وليس على عيوب الأجندة الجمهورية. وهذا أمر مفهوم، ويمكن أن يكون استراتيجية رابحة. إلا أن له مخاطره. وكما قالت كلينتون للجمهور قبل أسابيع قليلة خلال العصبة الأميركية في سينسيناتي: «هذه ليست انتخابات عادية» و«المناظرات ليست الاختلافات العادية بين الجمهوريين والديمقراطيين».
وتحت مظلة «معاً من أجل أميركا» تبرز حملة كلينتون جمهوريين آخرين معروفين، ممن تحدثوا ضد شخص ترامب ومزاجه. وتبرز حملة كلينتون أيضاً تأييدات الصحف الجمهورية التقليدية التي قالت إن ترامب «غير ملائم» كي يكون رئيساً، أو بكلمات صحيفة «سينسيناتي انكورير» (التي لم تؤيد ديمقراطياً خلال قرن من الزمن تقريباً) إنه «خطر واضح وماثل».
تشويه صورة ترامب وتشكيل ائتلاف واسع من الحزبين ضده أمر مبرر تماماً. وترامب خطر حقاً. وهذه استراتيجية رابحة في حال كان هدف كلينتون الوحيد هو أن يتم انتخابها رئيساً. إلا أن التركيز على ترامب فقط يطرح خطرين كبيرين بعد فوزها. أولاً، يقلص تأثيرها الرئاسي الذي قد يساعد المرشحين الديمقراطيين لمجلسي الشيوخ والنواب. وتصوير ترامب على أنه انحراف عن النزعة الجمهورية العادية يعطي مجال الانطلاق لخصومهم الجمهوريين. وكل ما عليهم فعله هو الابتعاد عنه.
وقبل ستة أشهر، عندما كانت كل من حملة كلينتون واللجنة الوطنية الديمقراطية لا تزالان تربطان بين ترامب والحزب الجمهوري، فإن الديمقراطيين كانوا في وضعية جيدة تتيح لهم استعادة السيطرة على مجلس الشيوخ بالدفاع عن عشرة مقاعد فقط مقارنة مع 24 مقعداً للجمهوريين.
إلا أن احتمالات سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ تقلصت. وفي ساحة المعركة الرئيسية في نيو هامبشاير، على سبيل المثال، فإن أعين 78 % من الناخبين تتركز الآن على الجمهوري كيلي آيوتي، وهو سناتور نادراً ما ذكر ترامب في مسار الحملة الانتخابية باعتباره «نوعاً مختلفاً من الجمهوريين».
وفي أوهايو، قال 20% من الناخبين الذين يحتمل أن يصوتوا لكلينتون في استطلاع حديث آخر إنهم سوف يصوتون للسناتور بوب بورتمان في مواجهة المرشح الديمقراطي تيد ستريكلاند. وكان ستريكلاند في الصدارة قبل شهور عدة، ولكن بورتمان تقدم، وأوضح أنه لا يريد أن تكون له صلة بترامب، وعندما استضافت أوهايو المؤتمر الوطني الجمهوري هذا الصيف بقي بورتمان بعيداً.
وفي ولاية نورث كارولينا، حظيت المرشحة الديمقراطية ديبورا روس، وهي عضو سابق في برلمان الولاية ومحامية في اتحاد الحريات المدنية، بفرصة الفوز على الجمهوري ريتشارد بور، لكن بور يركز حالياً على قضايا الولاية، ويبتعد عن ترامب.
وتحتاج كلينتون إلى مجلس شيوخ ديمقراطي في حال أصبحت رئيسة. ومن دونه فإن مبادراتها التشريعية ستموت لدى وصولها إلى المجلس. وقد لا تكون قادرة على الاستناد إلى عدد كاف من الأصوات للتأكيد على اختياراتها للوزراء.
وعلى الجانب الآخر من تلة الكابيتول، فإن احتمالات استعادة الديمقراطيين السيطرة على مجلس النواب، تبدو اليوم مسألة مستحيلة، وهي لم تكن كبيرة على الإطلاق.
وعلاوة على ذلك، وفي غمار متابعة الناخبين الجمهوريين الذين لديهم شكوك بشأن ترامب فإن حملة كلينتون قطعت أشواطاً طويلة لتجنب تلويث رئيس مجلس النواب بول ريان بترامب. وهذا يجعل رايان أكثر قوة من أي وقت مضى في حال فازت كلينتون.
ويتمثل الخطر الثاني في التركيز على عدم أهلية هو أن ذلك قد يقلل التأييد الشعبي لما تريد كلينتون تحقيقه كرئيسة. ففي نهاية المطاف، إذا كان الغرض المركزي لحملتها والحافز الرئيسي لمؤيديها هو وقف ترامب، فإنها ستكون قد حققت ذلك قبل أن تؤدي اليمين الدستورية.
وبالمثل فإنه يصعب من مسألة مواجهة العقيدة الجمهورية برؤية جريئة لما ينبغي على أميركا القيام به.
والحقيقة هي أن مقترحات ترامب ليست بعيدة عما كان الحزب الجمهوري يحاول تحقيقه خلال سنوات، أي تخفيض الضرائب على الأغنياء وعلى الشركات، وتقليص القيود على الرعاية الصحية والأمان والبيئة، وإلغاء نظام أوباما للرعاية الصحية، وإنفاق المزيد على الدفاع، وإيقاف الهجرة، وإبعاد العمال غير الشرعيين، وفرض «القانون والنظام» على مجتمعات الأميركيين من أصل إفريقي، ومنع زيادة الحد الأدنى للأجور.
والتركيز على عيوب شخصية ترامب بدلاً من أجندة الجمهوريين المعيبة أمر مناسب إلى حد ما. ودونالد ترامب شخص خطير. ويجب أن يكون وقفه أولوية أولى، ولكن ذلك لا ينبغي أن يكون الأولوية الوحيدة.