عيشي بلادي

ت + ت - الحجم الطبيعي

عيشي بلادي. ترنيمة حب لا خيار فيها ولا بديل عنها، وهل لمن جُبِل على الحب اختيار، وهل لنا خيار حين نحب، وهل نحب حين نختار. ودعاء خاشع في محراب وطن احتضننا، كما تحتضن الأم الرؤوم أبناءها، ونداء عاشق خرج من الحب إلى الوله الذي لا يرى للحياة قيمة دونه، وإن جاب الأرض شرقاً وغرباً، تظل رمال وطنه حبات من ذهب، ونسيمه سر الحياة يدخل في الجسد فيطببه.

ويمتزج مع الروح فتحيا، وكأنها مصدر الحب المتجدد الذي يشحذه بين الحين والآخر، ورسالة ارتباط سرمدي لا تعرف كنهها، لكنك تشعر بها، ولا تراها، لكنها قوة لا يمكن لك أن تكون بدونها، ولا تملك إلا أن ترتبط بها، لأن في الارتباط بها حياة، وفي الانقطاع عنها الموت حتماً ولو كنت بين الأحياء.

وهل للجنين في بطن أمه طاقة الانقطاع أو خيار لذلك، إنها طاقة نور، تبعث في النفس القدرة وقوة إرادة على أن تظل شجرة الاتحاد راسخة رسوخ الجبال، مترامية بأغصانها على امتداد أفق يطول بطول محبة أبنائها له.

عيشي بلادي، دعاء عابد لوطن، هو له حصن وحامٍ وسياج أن يحفظه من كل حاقد أو حاسد أو معتدٍ، وأن يظل درة تاج، ومنارة علم، وأرض تسامح، وعاصمة للعطاء الإنساني، وطن لا تنبت أرضه إلا النبت الصالح الخير، ولا تعرف سماءه إلا نسائم الخير والحياة، ولا تدار مصانعه إلا لتنتج ما يعين الإنسان وينفعه.

عيشي بلادي، نداء فخر وعزة لوطن احترم الإنسان، دون أن ينظر إلى عرقه وجنسه وعقيدته، فأتاه البشر من كل حدب وصوب، وعاشوا على أرضه دون تمييز أو انتقاص، فكان له المكانة في كل أرض تطأها الأقدام، وكانت المحبة والتقدير قرينة لأبنائه أينما ذهبوا وحلوا.

عيشي بلادي، بيان شعب للقريب والبعيد، أننا نور على من يصادقنا، ونار على من يعادينا، ماء بارد على محبي الخير والسلام، وحمم بركان على من يعتدي على شعبه وينتقص من أرضه.

عيشي بلادي، أغنية طفل يرددها كل صباح قبل أن يبدأ يومه، وكأن يومه بدونها منقوص، ولا فلاح ولا نجاح له بدونها. وهل يقوى الفرد دون وطنه، وهل تستمد قوته وعافيته إلا من صحة وطنه وعزته. طاقة قوة يبدأ بها يومه، ليحصل الخير والنفع.

عيشي بلادي، إصرار لا وهن فيه، وإرادة لا لين فيها، وتصميم لا تردد معه، أن يظل الاتحاد قوياً قادراً، فهو الطريق الذي عرفناه، وصمم الحكماء من المؤسسين إقامته، ومن تربي في كنفه من الخلف الذين حملوا الراية فعمقوه في نفوس أبناء الوطن من عاصره ومن ترعرع في نوره، بعد أن وجدوا الخير كل الخير فيه، إن اتحاداً يؤسس للرضا، ثم يرتقي إلى مؤسسة السعادة، بجعلها سياسة حكومة، لجدير بالذود عن حياضه، والبذل دونه بالغالي والنفيس.

عيشي بلادي، قسم جندي للتضحية بالروح من أجل وطن صانه ولم يهنه يوماً، أمده ولم ينتقص منه، حنى عليه ولم يقسُ عليه يوماً، أحاط به ولم يضيعه يوماً، كان هو الهدف والغاية ولم يهمله يوماً، كان له عزاً، ولم يخذله يوماً، مسح على جبينه ولم يكن مصدراً لأوجاعه، شرف بالانتساب إليه، ولم يكن يوماً مطرقة طرد وتغريب، فكان يوم الوفاء وتلبية النداء وبذل الروح هينة لينة دونه، وكأن لسان حاله نموت ويحيا، ففي حياته حيوات، والخزي والعار لكل معتدٍ أو متربص.

عيشي بلادي، وقفة صمود ونبل أمهات الشهداء وزوجاتهم وذويهم، أذهلت العالم، وخيبت آمال من توقع منهم وهناً وضعفاً وتراخياً، بعدما فقدوا أعز ما يملكون، أبناءهم، لكنهم كانوا أبناء للوطن من قبلهم، وفي حمايته حماية لهم وللأجيال من بعدهم، فامتدت حياتهم في حياة من بذلوا حياتهم من أجله، وخلدهم التاريخ في ذاكرته، والشعب في قلبه، والقادة في كل ملمح من ملامح أرض الوطن مدناً وأحياء وميادين، ليظل ذلك درساً في الوطنية الحقة للبراعم القادمين.

عيشي بلادي، ميثاق الولاء والانتماء، بأن مصلحة الوطن قبل مصالح الأفراد، وقضاياه قبل كل القضايا، وأن الولاء له من الدين، ومن مات دون أرضه فهو شهيد، أنه نور الحق ضد نار الاعتداء، وكلمة الفصل حين تتبدل الكلمات، والطريق الواضح حين تتعدد الطرق، وعين الحقيقة حين تلتبس وتشكل، وهو القول الفصل، حين تختلف الآراء.

عيشي بلادي، تعني الحياة، في وقت تنتشر فيه رائحة الموت، وتعني البناء، في الوقت الذي كثرت فيه صور الهدم، إنها الإعلان عن شعب لن يقبل بغير القمة مكاناً، أنشودة السلام، ورحلة العطاء، ونشر النور، وفتح للخير أبواباً، وصد الفتن والنعرات، وستظل أنشودة حب ووئام يتوارثها أبناء الوطن المعطاء.

عيشي بلادي.. عاش اتحاد إماراتنا.

Email