ها نحن نقترب من دخول سنة جديدة، ولا ندري ماذا تخبئ لنا من أفراح، وربما أحزان، وهما ملازمتان لنا في حياتنا منذ الصرخة الأولى للخروج من الأم الحنونة إلى هذا العالم الجديد، تعبيراً عن رفض هذا العالم الغامض، فقد يجلب السعادة أو الحزن، إلا أن جبروت البعض يجعل منه عالماً بلا رحمة، ولكن لكل طاغية نهاية، هذا ما يؤكد دائماً أن للظلم نهاية، وسعادة البشر هي المطلب للجميع.

هذه هي الدنيا يا صديقي الذي هاجر إلى مكان غير معلوم، إلى مكان من المؤكد أنه مريح لك، ولكنني أشتاق إلى إزعاجك الجميل، فكم من مرة نبهتني لأفكار جديدة لا تريحك أبداً.

إن العديد من الشعوب والأمم، تنتظر بروز فجر جديد، رامين خلفهم إيجابيات وسلبيات ما مضى، ولكنهم مع أحبابهم من الأهل والأصدقاء، وربما أفراد يلتقون بهم لأول مرة، وربما تكون الأخيرة، وأيضاً قد تزداد أواصر العلاقة لوجود ما هو مشترك معهم، سواء اجتماعياً أو اقتصادياً، وحتى سياسياً، ألم تكن تجارب الشعوب تؤكد أن الجانب الاقتصادي هو الذي يزيد من ترابط الشعوب والأمم،.

وكم من إنسان ذي نفوذ اقتصادي، ساهم في إسعاد الشعوب الفقيرة، بعدما تأكد أن الثروة ما هي إلا أرقام، مهما صرف منها ستظل للأبد، لذلك ردم الفجوة بين الأغنياء مالياً والفقراء، هي صمام الأمان لاستقرار المجتمع.

وكم من إنسان غادر من دون وداع، بل لم يكن في البال أنهم راحلون؟

ولا أستطيع أن أنسى ذلك الإنسان الذي لا تربطني به علاقة بشكل عام، إنه خميس مطر المزينة، رحمه الله تعالى، صبر الله ذويه على فراقه، وخاصة والدته وأولاده، لقد ظل يعمل بالرغم من الإرهاق، إيماناً منه أن الإنسان هو العمل من أجل خدمة الإنسان والوطن.

إننا ندرك أن الأعمار بيد الله تعالى، ولكن الحزن ساد الجميع، سواء من كانت معه علاقة مباشرة، أو أولئك الذين ساعدهم من دون إعلان ذلك، ألم تكن الأحزان في العديد من الأقطار ودموعهم، تؤكد حبهم لذلك الإنسان، كان الحزن يسود في أماكن لم ندرك ما هي علاقتهم به، إلا يبدو أنه كان يساعد العديد من الناس ممن كانوا بحاجة إلى مساعدة.

إن انتظار بروز أشعة الشمس لعام جديد، يؤكد ولادة عام جديد، وهو أمل الإنسان لبروز السعادة والمحبة بين الناس، واختفاء جيوش الحقد والحسب والحزن، أليست الحياة هي العطاء والإنجاز والبحث عن تحديات جديدة لحلها ودفنها تحت مياه المحيطات، سواء من الماء أو الرمال، من منا لا يخشى الرمال المتحركة في الربع الخالي.

يقال، والعهدة على القائل، إن العظماء من البشر، يظلون أحياء حتى بعد رحيل الروح والجسد، ولولا ذلك لما تراكمت المعرفة الإنسانية في كل العلوم.

هل فكر أحد منا استقبال العام الجديد أمام قبر إنسان عزيز عليه، سواء كانت الأم أو غيرها من البشر، هل هذا حلم إنسان مجنون، أم أنه وفاء لأولئك الراحلين عن الحياة، إلا أنهم معنا في معظم اللحظات الحياتية.

مهما كبر الإنسان عمراً، إلا أنه ذلك الطفل الذي يبحث عن الأم وحنانها، إن الأم هي إبداعات العديد، مثل فيلم الأم، والعديد من الروايات التي انتشرت في العالم، لأن الأم هي الحياة.

يا صاحبي، هذه هي الحياة، ولا يمكن أن تقفز نحو المجهول، فالواقع قد شدك بخيوطه أقوى من خيوط العنكبوت!، ليؤكد أن الواقع هو أوكسجين الحياة.

إلى كل القراء، أتمنى لهم عاماً جديداً سعيداً، وليتذكروا أن الشمس والقمر سوف ينيران هذه الدنيا، وعجلة الحياة تسير للأمام، وانشر الفرح والضحك والابتسامة، بدلاً من العبوس والدموع.. وكل عام أنتم بخير وسعادة.