تعتبر ولاية كاليفورنيا اليوم عاصمة أميركا الليبرالية، ومع جارتيها ولايتي أوريغون وواشنطن، ستمثل دولة داخل دولة منذ بداية شهر يناير المقبل، عندما تتوجه الاتحادية نحو الظلام.
وعلى النقيض من باقي الأميركيين، فإن مواطني كاليفورنيا قد فضلوا هيلاري كلينتون على دونالد ترامب مع هامش يتراوح بين 2-1، أي ما يعادل ثلاثة ملايين صوت. لقد صوت مواطنو كاليفورنيا لصالح تمديد الضريبة الإضافية التي تفرضها الدولة على الأغنياء، ولاتخاذ تدابير الإسكان والنقل المحلي ومعايير النقل، إلى جانب سلسلة من الزيادات الضريبية المحلية وحزمة من المقترحات.
وبكلمات أخرى، فإن كاليفورنيا هي نقيض الولايات المؤيدة لترامب، «ترامب-لاند»، وقد أصبحت الاختلافات أعمق.
وفيما يتعلق بأحد أطراف تلك المسألة، فإن ولايتي كنساس وتكساس، قد أحرزتا أدنى الضرائب في البلاد، وفرض أقل عدد من القوانين، وأدنى الأجور. أما بالنسبة إلى كاليفورنيا فإنها تعتبر من بين أعلى الولايات من حيث معدل الضرائب، لا سيما تلك المفروضة على الأغنياء.
وبالتالي، وبحسب المبادئ المحافظة فإن كلاً من ولايتي كنساس وتكساس يجب أن تتمتعا بالازدهار الاقتصادي، وأن تكون كاليفورنيا في الهاوية. ولكن واقع الأمر يبين نقيض ذلك.
تتصدر كاليفورنيا البلاد من حيث معدل النمو الاقتصادي، بما يعادل أكثر من ضعف المعدل الوطني. وفي حال كانت دولة منفصلة، فقد تكون الآن سادس أكبر اقتصاد في العالم. ووصل عدد سكانها إلى 39 مليون نسمة (بزيادة بنسبة 5% منذ عام 2010).
كاليفورنيا هي الولاية الأسرع نمواً في البلاد، وفيها أكثر الصناعات تجدداً، إلى جانب الترفيه والتكنولوجيا الفائقة. وتحتضن المزيد من الشركات الناشئة مقارنة بأي مكان آخر في العالم.
بكلمات أخرى، فإن وجهة نظر المحافظين عن الولاية في تراجع. إذ لماذا يبدو أداء كل من كنساس وتكساس سيئاً للغاية، في حين أن أداء كاليفورنيا جيد جداً؟
هناك سبب واحد، وهو أن الضرائب قد أتاحت لباقي الولايات الاستثمار في الأشخاص. وتعتبر جامعة كاليفورنيا أفضل نظام للتعليم العالي في أميركا. وبإضافة شبكة الكليات المجتمعية الخاصة بالولاية، والمؤسسات البحثية، يكون لدينا مصدر فريد للبحث والتطوير ومحرك قوي للارتقاء الاجتماعي.
لم تكن كنساس وتكساس تستثمران بالقدر ذاته. ولا ننسى أن كاليفورنيا تقدم خدمات للسكان المتنوعين، بما في ذلك نسبة كبيرة من المهاجرين. وقد ازدهرت كل من هوليود و«سليكون فالي» بأفكار وطاقات المهاجرين الجدد.
تحمي لوائح كاليفورنيا صحة الشعب العامة والجمال الطبيعي للولاية، وهو ما يجعلها مقصداً للناس، بما في ذلك الموهوبين الذين يمكنهم الاستقرار في أي مكان.
تعد الرواتب مرتفعة في كاليفورنيا، نظراً لنمو الاقتصاد على نحو سريع، بحيث يمكن للموظفين دفع الكثير لجذب العمال. وذلك ليس بالأمر السيئ، فبعد كل شيء، لا يكمن الهدف في النمو وحسب، بل بإيجاد معايير معيشية مرتفعة.
وللإنصاف، فإن مشكلات تكساس مرتبطة للغاية بالإخفاق في قطاع النفط. لكن ذلك ليس عذراً، لأن الولاية قد فشلت في تنويع اقتصادها، كما أنها لم تسهم في استثمارات كافية.
إن كاليفورنيا بعيدة عن الكمال. فقد تسبب النقص في الإسكان بارتفاع الإيجارات وأسعار العقارات بشكل كبير، فضلاً عن الازدحام الخانق في الطرق. ولطالما تم تصنيف مدارسها الحكومية من بين الأفضل في البلاد، إلا أنها الآن من بين الأسوأ، ويرجع ذلك بشكل كبير بسبب الاقتراح الذي وافق عليه الناخبون عام 1978، والذي عمل على تضييق تمويل المدارس المحلية.
ناهيك عن وجود الكثير من المسائل التي ينبغي حلها. إن التباين واضح، بشكل العام. ويعتمد النجاح الاقتصادي على عائدات الضرائب التي تذهب لاستثمارات العامة، والتشريعات التي تحمي البيئة والصحة العامة. ويتمثل النجاح الحقيقي للاقتصاد السليم في الأجور المرتفعة.
لست متأكداً من الكيفية التي ستتعايش بها كل من الولايات المؤيدة لترامب وكاليفورنيا خلال السنوات المقبلة. (أسمع الكثير من الشائعات عن الانفصال).