غضب نصف الأميركيين، خلال مؤتمر دونالد ترامب الإخباري، بينما شعر النصف الآخر ربما بالكثير من السعادة.
كان الأمر مخيفاً وساحراً ومجنوناً وغريباً، بالنظر إلى أنه حديث جدي عن القضايا القاتلة الممزوجة مع أحد المتشددين، مثل المزاح الساخر، بينما يتسلح هو بالسلاح النووي، في الوقت الذي ضحك فيه مراسلو البيت الأبيض أيضاً.
ألقى ببعض الكلمات الطنانة عن حجم الانتصار، الذي أحرزه في الانتخابات، ومن ثم هاجم الإعلام معتبراً إياه مليئاً «بالأخبار المغلوطة»، واشتكى من الصحافيين وقصد بذلك المراسلين التلفزيونيين، الذين أبدوا لهجة عدائية تجاهه، وبالتالي فإن الأميركيين المناصرين لترامب والمعارضين له متمسكون كل برأيه، مع نبذ الرأي الآخر.
بالحديث عن الغاضبين، هل بإمكانك وضع سياستك الخاصة جانباً، وتشفق على الصحافيين الأجانب، الذين يتوجب عليهم كتابة تقارير عن كل هذا؟ قال الرئيس: «لا يتعين عليّ إخباركم ماذا سأفعل بكوريا الشمالية، وليس عليّ إخباركم ماذا سأفعل مع إيران»،.
وأضاف: «لماذا أعلم؟ لأن ليس عليك أن تعلم». وربما يعتقد الأميركيون أن تلك استراتيجية لائقة، إلا أنه من غير المعلوم أن ذلك ربما يدفع بالحكومات الغريبة إلى الجنون، ويجب أن يجري المحللون تقييمات دائمة أو أن يظلوا يعانون.
وقال محلل الخارجية نيكولاي بوريس: ترامب قال إن بإمكانه إطلاق النار على سفينة التجسس الروسية، أنا اقتبس.. «أعظم شيء أستطيع فعله هو إطلاق النار على تلك السفينة الواقفة على بعد 30 ميلاً من الشاطئ خارج الماء، لكني لن أفعل ذلك».
مع كل الدراما والصفعات التي قدمها الإعلام، ومن ثم رد فعل وسائل الإعلام اللامنتهية بشأن ما إذا كانوا يستحقون أن يصفعوا بهذه الطريقة أم لا بسبب لهجتهم، تمكن ترامب من تجنب السؤال الرئيس: كيف كان موظفو الحملة متورطين مع المسؤولون الروس، خلال حملته الرئاسية؟
واخترقت روسيا البريد الإلكتروني للهيئة الديمقراطية الوطنية، وتناولت ويكيليكس البيانات المخربة، بشأن التواطؤ بين الإعلام والحزب الديمقراطي جنباً إلى جنب مع الكثير من العناصر السلبية الأخرى.
ترامب أحب هذه التسريبات. هو يكره تسريبات حكومته الخاصة عن البيانات السرية، التي دمرت إدارته، مثل تلك المكالمات الهاتفية، التي تنصتت عليها الاستخبارات الأميركية، وهي تراقب الروس.
تحدث مستشار الأمن القومي السابق لترامب، مايكل فلين، مراراً للسفير عن العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا، قبل أن يتم تنصيب ترامب، وأجبر مايكل فلين على تقديم استقالته، لأنه كذب مراراً عليهم، وترامب مريض ومتعب من وسائل الإعلام الروسية، التي تنشر عنه أخباراً ملفقة.
قال الرئيس: «كم مرة يجب علي أن أجيب عن هذا السؤال.روسيا عبارة عن خدعة». «ليس لدي ما أفعله مع روسيا. لم أجر أي مكالمة هاتفية مع الروس خلال السنوات الماضية. لا أتحدث إلى الناس عن روسيا، ليس لأني لا أريد، بل ليس لدي أحد أتحدث معه هناك. ليس لديّ ما أفعله مع روسيا. وكل ما أعرفه هو أنه ما من شخص أتعامل معه يفعل ذلك».
بالنسبة إلى أفضل ما يعرفه؟ إذا سمعت سياسياً يقول «بالنسبة إلى أفضل ما أعرفه» مرة واحدة فقط فإني قد سمعت السياسيين يقولونها مليون مرة. هناك جزء يأتي بعد ذلك، بأن ترامب ترك المسألة برمتها، والجزء الذي يقول: «لا يمكنني معاودة الاتصال».
أنت تقول «نسبة إلى أفضل ما أعلمه» في غرفة مليئة بالصحافيين هناك شيء ما مؤكد بالفعل، هو أني لن أذهب بعيداً. وذكر شيكاغو مجدداً، والقتل في المدينة.
المعلقون الليبراليون يغضبون جداً عندما تتحدث عن شيكاغو، خشية أن تفوز ببعض المزايا السياسية لدى معالجتها حروب عصابات الشوارع في المدينة، إلا أن الأموات لا يهتمون بمن سيفوز. لقد خسروا بالفعل. وقتل ثلاثة أطفال، أخيراً، وأغلقت الرحلة إلى «بحيرة شور»، بسبب إطلاق النار القاتل في «فولرتون» قبل الفجر.
فكر في الأمر. تم إغلاق البحيرة. ولو أن الضربة حدثت خلال ساعات الذروة، لكانت هناك فرصة كبيرة في أن يتعرض بعض الركاب للقتل، والعصابات تطلق النار فوق الطرق السريعة، وإذا لم تفكر في الأمر كثيراً فإن قاعة البلدية تفكر في المسألة طوال الوقت.
الذعر موجود. ومن المتوقع أن تكون الأحداث المقبلة ساخنة، والرئيس السابق من شيكاغو تجاهل المدينة، إلا أنه لم يطلق بعض الخطب الرنانة. ألم يفعل ذلك؟
قال ترامب: «هناك- اثنان من شيكاغو- كما تعلم»، «الأولى الفاخرة والآمنة، والتي لا تصدق، وهناك شيكاغو أخرى أسوأ من أي من الأماكن السيئة جداً في العالم، والتي تتحدث عنها في كل ليلة على نشرات الأخبار. إذاً سنفعل الكثير من الأمور في المدن الداخلية».
وحتى الآن، لم أر أي عمل من الرئيس ترامب في شيكاغو، بل الكثير من الكلام فقط. كان هذا عرضاً رائعاً. وظل رئيساً مدة شهر واحد فقط. ولكن، أخيراً، تعب الناس من الحديث، وانتبهوا لذلك، انتهوا منه وتجنبوه.