منذ إنشاء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية، وهذا الكيان يُسوّق نفسه على أنه واحة الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط.
جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء، ولكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، من دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر.
أو الأصل الوطني أو أي وضع آخر، ولن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد، أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد، سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلاً أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي، أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.
هذه المبادئ بالنسبة للكيان الإسرائيلي، لا تنطبق على الفلسطينيين، إذ إن الديمقراطية الإسرائيلية تعني الديمقراطية والحرية للإسرائيليين اليهود فحسب، وهي حرية تنافي ما أقرّه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
لذلك، من يتابع ما يجري على أرض فلسطين المحتلة، سوف يكتشف مدى عنصرية هذا الكيان وأساليبه القمعية ضد الفلسطينيين، ما يجعل فكرة الديمقراطية عديمة الصلاحية.
هذه الديمقراطية الإسرائيلية محدودة بحدود الفكرة الصهيونية، التي تطالب بأرض فلسطين لتكون يهودية بالكامل، وتحلم بدولة من الفرات إلى النيل، ولهذا، نجد أن حرية التعبير أساس أي ديمقراطية تواجه قيوداً تمارس بشكل رئيس ضد الفلسطينيين داخل الخط الأخضر وخارجه.
وليس أدلّ على ذلك مصادقة الكنيست الإسرائيلي على ما يُسمّى بقانون الإقصاء، الذي يستهدف النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي دون سواهم، حيث يجيز إقصاء أي نائب توجه له تهمة التحريض على العنصرية، أو دعم الكفاح المسلح ضد إسرائيل. وهذا يقضي بحرمانه من حقه في التعبير، وحرمان أي عضو من عضويته البرلمانية.
تمادت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في قمع الحريات الصحافية، بقيامها بإغلاق عدد من محطات الإذاعة الفلسطينية، مثل إذاعة «منبر الحرية» وإذاعة «صوت الخليل» وإذاعة «دريم»، بزعم أن برامج هذه الإذاعات تمارس التحريض على قتل الأبرياء، والتحريض ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وقد اعتقلت سلطات الاحتلال 42 صحافياً وإعلامياً في الضفّة الغربية، وتم حجز 17 فلسطينياً واعتقالهم من قبل الاحتلال، بسبب تعليقات وكتابات على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بذريعة المسّ بـ «أمن الدولة».
اتسعت حملة الانتهاكات الإسرائيلية ضد ما يُنشَر على مواقع التواصل الاجتماعي، ترافقت مع ضغوط مارستها حكومة الاحتلال على شركة «فيسبوك»، التي قامت بإيقاف نحو 20 صفحة من الصفحات الشخصية الخاصة بفلسطينيين أو التابعة لمواقع إخبارية فلسطينية، بذريعة أن هذه المحتويات تنطوي على «تحريض».
بينما نجد أنه في عام 2016، كتب 60 ألف متصفح إسرائيلي على الإنترنت، منشوراً عنيفاً واحداً على الأقل ضد العرب، حيث نجد 675000 منشور عنصري أو تحريضي ضد العرب على الشبكات الاجتماعية، بمعدل منشور كل 46 ثانية، غالبيتها على «فيسبوك».
على الرغم من أننا نعيش في عصر التواصل، الذي يمتاز بحق الحصول على المعلومات، والقدرة التفاعلية في التعبير عن الرأي، فإن هذا لم يقف حائلاً دون ممارسة إسرائيل لخنق حرية التعبير، ومعاقبة من يُعبرّون عن رأيهم.
تبقى الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحافيين هي الأخطر، الأمر الذي يؤثر في أداء الإعلام الفلسطيني، ولعل استمرار إفلات إسرائيل من المحاسبة والعقاب، وتغاضي الرأي العام الدولي عن جرائمها، سيعمل على تشجيعها واستمرارها، وتصعيد انتهاكاتها لحرية الرأي، واعتداءاتها ضد الصحافيين ووسائل الإعلام في فلسطين.