تناول السناتور الجمهوري جون ماكين من أريزونا مؤتمر الأمن في ميونيخ، أخيراً. وأوضحت تصريحاته ما يفكر فيه معظم الأوروبيين هذه الأيام. «أعلم أن هناك قلقاً عميقاً في جميع أنحاء أوروبا، وأن ما تعتمد عليه أميركا هو عباءة الزعامة العالمية».

وفي حقيقة الأمر اعتبر عضو مجلس الشيوخ «القيادة العالمية» مرادفة للتدخل الأجنبي الفاشل واكتفى الجميع من الأمر.

وقال ماكين «هناك إحساس بأن الكثير من مواطنينا بمن فيهم الموجودون في بلادنا يئسوا من الغرب. وأنهم ينظرون له باعتباره صفقة سيئة قد نكون أفضل حالا من دونها. وبينما لاتزال عند الدول الغربية قوة تحافظ بها على ترتيب عالمنا، فإن من غير الواضح ما إذا كان لدينا الإرادة لتحقيق ذلك».

لا، الذي تخلت عنه الناس هو المؤسسة والتواطؤ وانتخاب السياسيين المسؤولين عن المصالح الخاصة مقارنة مع المواطن العادي. ولم تعد الناس تعتقد بأن القيم الغربية تتداخل مع اهتمامات ماكين وزملائه.

في حال لم يلاحظ ماكين ذلك، فإن هناك موجة شعبوية تجتاح أوروبا، لا سيما بين الشباب الأوروبيين. الأمر ليس لأنهم يحبون روسيا أو يكرهون الغرب. لكن ذلك يعتبر بمثابة عقود من الفشل من قبل «القيادة العالمية»، وفشل السياسات التي روجها أمثال ماكين.

ورثى ماكين لحال «الابتعاد المتزايد من القيم العالمية وروابط الدم القوية والعرق والطائفية». ربما لأن المواطنين يشعرون بأن «القيم العالمية» استخدمت كذريعة لشق الاملاءات الثقافية والتصويب السياسي.

وأنكر ماكين «العجز وعدم الرغبة المتزايدة أيضا لفصل الحقيقة عن الأكاذيب». وفشل في إدراك أن بالإمكان إخفاء الواقع من خلال الخطابات لوقت طويل. وقد يكون ماكين ممتناً لمعرفة أن البرلمان الأوروبي مرر، أخيراً، قراراً بمواجهة الدعاية ضده من قبل أطراف ثالثة«. ولكن ما الذي يشكل هذه الدعاية المغرضة؟ هل هي وجهة نظر المؤسسة التي قد يفضل أن يتبنوها سياسيوها ؟ أم هل الحقيقة التي تقول بأننا لا نفضل مناقشتها؟.

وأياً كانت الطريقة فإن بالإمكان المراهنة على أن للأمر علاقة بروسيا بالطبع. ماكين وصديق رحلاته السناتور الجمهوري ليندسي غراهام من ساوث كارولينا، التي أمضت ليلة رأس السنة الميلادية تهاجم روسيا خلال زيارتها إلى أوكرانيا. خذ عرض الطريق الجديد لـ»ماك كاثلست«إلى ألمانيا، الأسبوع الماضي، بالنظر أيضا إلى إعلان غراهام في ميونخ، أخيرا، أن عام»2017 سيكون عام دفع روسيا إلى الكونغرس«، وذلك فقط في حال أثبت الأمر أنه يحسن من الحياة اليومية للناخب الأميركي».

وظاهرياً، يعتقد كل من ماكين وغراهام أن أي واحد من هؤلاء الذين صوتوا إلى دونالد ترامب والأوروبيين في الاتحاد الأوروبي الذي عمل على صعود السيادة الوطنية هم بلهاء مفيدون لسعي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل التفوق العالمي.

وبالنظر إلى أن هناك القليل من الإيديولوجيا بين روسيا والغرب هذه الأيام فلا يمكن الادعاء بأن روسيا تريد تحويل الغرب الشيوعي بالنظر إلى أن روسيا لم تعد شيوعية بعد اليوم. أعتقد بأن علينا أن نفترض أن بوتين يريد بناء تحالفات مع الكثير من الدول بقدر الإمكان. هذه مشكلة بالنسبة إلى مكين، الذي يرى أن القيم الغربية متفوقة.

وقال ماكين في ميونخ، «ورغم كل ذلك، فلا يجب علينا التوقف عن الاعتقاد بتفوق قيمنا الأخلاقية الخاصة. وأننا نقف مع الحقيقة ضد الباطل والحرية ضد الطغيان والحق ضد الظلم والأمل ضد اليأس.

وأشار عنوان في»نيويورك تايمز«، أخيراً، إلى إدارة ماكين باعتبارها»نقداً«يدفع بإدارة ترامب بقوة ضد الرئيس المنتخب ديمقراطياً في الولايات المتحدة. رجاء أيها السيناتور أخبرنا بالمزيد عن القيم الأخلاقية والتفوق الديمقراطي.

وأصبحت المؤسسة الغربية»اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية«الجديد. وهنا في أوروبا، نقول مازحين»اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية«.

ومن الناحية المالية والثقافية والايديولوجية فإن أوروبا في تخبط. هذا ما يحدث عندما تأخذ دولا لم تتحرر بالفعل من الشيوعية وتغمرهم بالإملاءات من بقية العالم. أتعلم من الذي لا يجمل الأمور على تلك الشاكلة؟ روسيا، التي تحركت في حقيقة الأمر بالاتجاه المعاكس.

وطالبت روسيا ومن ثم سوريا وليبيا، بإصلاح الخراب الذي تركه الغزو الذي شجعه ماكين باستمرار. وبحسب استطلاع رأي معهد غالوب الدولي، فإن دولا مثل بلغاريا واليونان وسلوفينيا وتركيا اختارت روسيا كحليف مفضل في حالة التهديد العسكري. وبالنسبة إلى الصين فإن عليها اختيار روسيا أيضا.

وتعتبر روسيا العدو الوحيد بالنسبة إلى أشخاص مثل ماكين وغراهام بسبب انشغالها بالإخفاقات المختلفة والفشل السياسي.