على منصّة تعنى بأجيال المستقبل، ابتدر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الحضور ليقرأ لهم مقتطفاتٍ من كتاب: «تأملات في الإيجابية والسعادة»، من تأليف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي.

الكتاب تضمن رؤية وأهداف على المستويين الاجتماعي والفردي، ثم علّق الشيخ محمد بن زايد قائلاً: «أسوأ شيء تفعله، هو أن تنتظر».

هذا الكتاب لا يُمتدح، لأن مؤلفه الشيخ محمد بن راشد، المحبوب والمتمتع بشعبية واسعة بالمنطقة نظير نجاحاته التنموية، وإنما للظرف الذي طُرح به الكتاب، حيث الفوضى في المنطقة العربية، وانتشار القتل، وسيلان برك الدماء، وتوسع رقعة الدول الفاشلة المحيطة بالخليج، والتي تشكّل عبئاً مريعاً على المنطقة والعالم بكل أسف.

يأتي الكتاب ليزرع وردة وسط كومة من الشوك، ليطمئن الأجيال بأن التنمية المستدامة المبنية على أهدافٍ مرسومة، وخطط مُعدة مسبقاً هي مايضمن للإنسان العيش الرغيد والكريم، المتضمن راحةً ذاتية، وسمواً نفسياً.

الكتاب تصدر المبيعات في المعرض الأهم بالعالم العربي، معرض الرياض الدولي للكتاب، وإذا أخذنا بالاعتبار كون الجيل الشاب من الجنسين هم الأكثر حضوراً بالمعرض، فهذه دلالة بليغة بأن الأجيال الصاعدة تتوق إلى مستقبلٍ أفضل، وتريد تجاوز النكبات والصعاب وأحداث السنوات الخمس الماضية.

إرادة تتوق إلى عناصر أساسية بالحياة، أولها: التعليم الجيد، وقد حدث ذلك من خلال فرص الابتعاث المطروحة من قبل دول الخليج للأبناء والبنات، يذهبون ويجولون بالعالم متعلمين ثقافةً جديدة مختلفة، ومنخرطين مع أناسٍ يحملون لغةً وإرثاً آخر غير الذي اعتادوه.

والثاني: جودة الحياة، وهذا ما يؤكده قادة دول الخليج، ذلك أن الحياة الجيدة طبابةً، وخدمةً تُؤمن للإنسان وعائلته العيش الكريم، من دون الاضطرار إلى البحث عن اغتراب، أو فرص عمل بالخارج.

بكل حومة ذلك الجدل، والرغبة المتصاعدة بتحسين شروط العيش، يأتي الكتاب ليضع أجيال المستقبل أمام فضاءٍ من الإيجابية والتفاؤل، وأفضل من يصف الكتاب، مؤلفه، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، حين يقول: «نطرح فيه رؤية إدارية وتنموية، قائمة على التفاؤل والإيجابية، حاولت في الكتاب الإجابة عن الكثير من التساؤلات التنموية العميقة.

مما تعلمته وخبرته في حياتي، وبأسلوب قصصي بسيط، ليكون الكتاب قريباً من الشباب، كتاب تأملات في السعادة والإيجابية، يضم دروساً ونماذج وقصصا قائمة على فلسفة مختلفة في الحياة، الإيجابية كمنظور وإسعاد الناس كغاية وأسلوب حياة، نحاول المساهمة عبر الكتاب ولو بشيء بسيط في نقل تجربتنا وصناعة أمل، لمنطقتنا واستئناف الحضارة في عالمنا العربي تأملات في السعادة والإيجابية».

من المؤلم مشاهدة دول محورية، كانت حجر الزاوية العربية قبل ربع قرن، وعواصمها تتهاوى، الواحدة تلو الأخرى، وذلك بسبب شعاراتٍ حذّر العقلاء منها، مثل توجهات وشعارات اليسار، والقومية الرجعية، والنظم الاشتراكية الارتكاسية، ويافطات مقاومة الغرب، حتى آل المطاف بكل تلك الموجات إلى انهيار سقفها على أهلها، وحدث ما تم التحذير منه.

إن الأيديولوجيات لا تصنع التنمية وحدها، بل استلهام تجارب الأمم الأخرى الصاعدة، هي ما يصنع خبرةً نهضوية وحضارية، وقد كان الغرب رائد عصور النهضة الحديثة بهذا العالم.

الكتاب شكل الحدَث والحديث، حدثٌ بظرف طرحه التاريخي، وحديث بما يتضمنه من شجاعة بإبداء الرأي، ودقة بصياغة الفكرة، مما جعل الحديث عنه بالضرورة يقود إلى مناقشة المستقبل، وقد أشار الشيخ محمد بن زايد إلى أن مدحه للكتاب، ليس بسبب كون مؤلفه حاكم وقامة، وإنما فعلياً لما احتواه من مضمون مبني على خبرة، وتجربة، وسيرة تمثلها دبي الشامخة!