اذا أراد الفرنسيون تحسين نوعية اقتصادهم على نحو كبير جداً، لبات اقتصادهم قريباً جداً من نظام بلادهم الذي يصفونه «بالاتكالي» في القرن الواحد والعشرين، ولن يكون هناك مرشح للرئاسة على استعداد لإعطائها لهم.

وأي مرشح للانتخابات الرئاسية يتدخل في الواقع الاقتصادي، يجب أن يناور لتجنب الانتقاد. وبينما يقول بعضهم إن فرنسا لن تجري إصلاحات اقتصادية حقيقية، فكيف يتسنى لنا أن نعرف أنهم لم يحظوا أبداً بمثل هذا الخيار؟.

لقد اكتشفت خلال حياتي في فرنسا لنحو عقد من الزمن، أن «الرأسمالية» كلمة غير مناسبة في السياسة الفرنسية، ولكن ما من أحد يهاجمها بالاسم.

وعوضاً عن ذلك، يستخدمون مصطلح «الليبرالية الجديدة». ولا تعتبر كلمة «ليبرالي» مرادفاً لليسار في فرنسا، على غرار ما هي عليه في شمال أميركا.

(ولذلك يقول الفرنسيون «المبادئ اليسارية»). وفي فرنسا تستخدم «الليبرالية» بمعنى أكثر كلاسيكية. وإذا كنت من دعاة المحافظة على اقتصاد السوق الحرة والحكومة المحدودة، لكنت توصم بـ «الليبرالي» في فرنسا. أو بـ «الليبرالية جداً».

ومن شركائنا المرشحين الخمسة في «المعركة الملكية للرئاسة الفرنسية»، وبالاستناد إلى الطريقة التي يستخدمها مرشحو الرئاسة الأوفر حظاً، يأتي مصطلح «الليبرالية المتشددة»، ليحط من شأن كل منهم. وربما تعتقد أن أهم ما في هذه الانتخابات هو إقناع الناخبين الفرنسيين أن الدولة «المتكئة على غيرها»، ستستمر بأي ثمن.

المرشح الذي يقترب من كونه أحد دعاة السوق الحرة المستقلة، هو المستقل ايمانويل ماكرون. وخلال ولايته وزيراً للاقتصاد والشؤون الصناعية والرقمية، كان ماكرون مسؤولاً عن «قانون النمو»، وعن النشاط والمساواة في الفرص الاقتصادية المدعومة بفكرة عمل الفرنسيين أربعين ساعة، بدلاً من الساعات الخمس والثلاثين الحالية.

قائدة الجبهة الوطنية، مارين لوبان، تواصل مطالبة ماكرون بنظرة السوق الحرة. وقالت لو بان: «في المواضيع الاقتصادية نعلم ما يريد»، وأضافت: «الليبرالية المتشددة تعتبر موتاً للفقراء».

نعم، هناك فرنسيون يعتقدون بحق أن أعداءهم ظهروا على نتيجة للرأسمالية المتشددة. أتحدى أن تظهر لو بان كيف أفشلت الرأسمالية الحقيقية فرنسا.

وفي هذه الأثناء، فإن رئيس الوزراء الفرنسي السابق فرنسوا فيون من الحزب القديم، يتعثر تحت عنوان «التاتشرية»، ويعتبرها كما لو أنها إهانة له. معارضو فيون هاجموه لتجرئه على اقتراح أن التأمين الصحي ينافس الأعمال التجارية، والعروض «التي تركز على التأمين العام الشامل والأمراض الخطيرة أو طويلة الأجل، والتأمين الخاص بالبقية».

وفي نهاية المطاف، سحب هذا الاقتراح من برنامجه الانتخابي، ويدفع بعض المواطنين الفرنسيين ضرائب تصل إلى نصف قيمة رواتبهم للتأمين الصحي والرعاية الصحية.

ويبدو أن السياسيين الفرنسيين يبررون وجودهم المكلف للغاية، من خلال إقناع المصوتين بأن حل مشكلاتهم يكمن في إدارة أقوى للحكومة. وكانت لو بان تشيع في الحملة، مسألة الارتقاء إلى المفهوم الاشتراكي: «الدولة الاستراتيجية». ولكن الاشتراكية الاستراتيجية تبقى مجرد اشتراكية.

لو بان على حق في دعوتها لرفع السيادة الوطنية والسيطرة على الحدود، إلا أن سياسات الدولة المتواكلة، التي تذم الرأسمالية الحقيقية و«الرأسمالية المتشددة»، لن تصلح فرنسا.

فوائد الرأسمالية لا تنبع من الحكومة المتدنية، وقد أقيمت من خلال الإبقاء على أيدي أعضائها خارج علبة الحلوى. ولا يحتاج أحد أن تتدفق الرأسمالية المتشددة من الحكومة المتدنية تحت ستار «الدولة الاستراتيجية»، مستثمرة المال، الذي لا يمكن لفرنسا أن تقدمه، في أمور قد تزدهر إذا كانت الناس تريدها بالفعل. فقط اترك مالاً أكثر في جيوب دافعي الضرائب، وانظر أين ينتهي الحال.

ولطالما لعب النظام الحكومي الفرنسي، الذي يعتبر نسخة محسنة عن الملكية القديمة، الدور الأهم، واختار فائزين وخاسرين بالاستناد إلى القرب من السلطة. ولا تساعد مسألة تركز القوة في مدينة بعينها. فكل شيء خارج باريس يعتبر قوة. عدم المساواة تؤدي إلى ثورة، وهذا بدوره يولد الحاجة لقمعها. أدخل النقابات والضرائب في المعترك، كي تعطي انطباعاً بتسوية الملعب، حيث تتركز فيه أي ثروة دائمة للفرد في هذا المخطط.

وبموجب النظام الفرنسي الحالي، فليس هناك حافز للفرد للتحرر وإيجاد الثروة الخاصة به. ويواصل الاتحاد الأوروبي، الذي يؤيده ماكرون وفيلون، تحميل فرنسا عبئاً اقتصادياً.

وللأسف، فليس هناك من مرشح فرنسي يرغب في تحرير الفرنسيين من القيود المالية التي وجدوا أنفسهم فيها. وحتى يأتي الرئيس المناسب، فإن الانتخابات الرئاسية الفرنسية، تعمل أكثر بقليل من مجرد خلط للأوراق على سطح السفينة تيتانيك.