بعد انقضاء منتصف الليل، كان اليمن على موعدٍ ببزوغ فجرٍ آخر، يتجاوز كل الذي عرفه على يد جلاّده المخلوع طوال عقود القحط، التي جوّع بها اليمن... تنطلق من جنوبي المملكة العربية السعودية، طائرات التحالف العربي، معلنةً بدء عمليات أهم معركة تحرير منذ عاصفة الصحراء، لتحرير الكويت عام 1990... تضرب الطائرات وتدك معاقل مليشيات الإرهاب الحوثية، وتطهّر الحدود من لوثهم وشوههم.
عاصفة قادها الملك سلمان بن عبد العزيز، مع حلفائه، وبخاصة الحليف الأهم، والأبرز، والأقوى، دولة الإمارات العربية المتحدة، مُنسقاً باستمرار مع أخويه الشيخين محمد بن زايد، ومحمد بن راشد، وذلك لغرض تأمين الخليج من المستقبل الطائفي المظلم، الذي كان يخطط له الحوثي ومن معه، وقد عاش العرب انتعاشاً بهذه العاصفة، لأنها أيقظت الحسّ الكريم بالنفوس، حيث مرت سنوات من الصمت على عبث إيران، منذ أن دخلت العراق بعد الحرب الأميركية عام 2003.
استغاث الرئيس هادي، ضمن قوانين الأمم المتحدة، بدولة جارة، لإنقاذ الدولة ومؤسساتها من عبث الحوثيين الإرهابيين، وقد شارفوا على وضع الصواريخ باتجاه الحدود السعودية... يريدون ابتزاز السعودية من خاصرتها، كانوا يتنبؤون بردود فعلٍ عديدة، لكن أن تشن السعودية عليهم الحرب الشاملة، فهذا آخر ما يمكن أن يتوقعوه!
لقد حدثت المفاجأة المباغتة، وخرّ عليهم السقف من فوقهم، وقطع دابر القوم الذين ظلموا. كانت الإمارات عضواً مؤسساً لهذا التحالف العربي، ودفعت أزكى الدماء لشباب بسنّ الورود، اختلط الدم بالدم، بين السعوديين والإماراتيين والبحرينيين والقطريين، بمعركة حامية نارية لا تهدأ، أعادت المليشيات قروناً إلى الوراء، وغيرت تركيبة اليمن كاملةً، لوضعها ضمن فضاء التمدن الخليجي العريق.
قدّمت الإمارات 65 شهيداً لتحرير اليمن، واستطاعت القوات تأديب المليشيات، وتوسّل المخلوع إيقاف الحرب، وتعطّش من أجل التفاوض معه، زاعماً أن اليمن ومفاتيحه وحلوله بيده، غير أن التحالف لا يعترف إلا بالقرارات الدولية والمواثيق والأعراف، وكانت عاصفة الحزم، وإعادة الأمل، خارطة طريق غيرت المشهد بالمنطقة.
وجعلت الحالة السياسية كلها بالشرق الأوسط تقسم إلى قسمين، ما قبل عاصفة الحزم، وما بعد العاصفة، هذه هي الحرب، إذ ترسم مسارات مختلفة وتصنع قوى جديدة، آل المطاف بإيران وأذرعها للشتائم والكلام غير المؤدب أو اللائق، بينما السعودية ودول التحالف تحرث الأرض، وتغرس بذرةً نحو مستقبل آخر جديد، لم يعشه المجتمع العربي من قبل.
بالحروب تصنع أفضل نماذج السلام، هكذا يقول الفلاسفة منذ القدم، والحرب جزء من الأعمال السياسية، وبخاصة أن المعارك التي شُنت، كانت ضمن المواثيق الدولية والقرارات الأممية 2216، الذي نصّ أن: «على جميع الدول اتخاذ تدابير، لمنع القيام بشكل مباشر أو غير مباشر بتوريد أو بيع أو نقل أسلحة لمصلحة علي عبد الله صالح، وعبد الله يحيى الحاكم، وعبد الخالق الحوثي، والكيانات والأفراد الواقعين تحت العقوبات، انطلاقاً من أراضيها، أو بواسطة مواطنيها، أو باستخدام سفن أو طائرات تحمل علمها.
ويشمل حظر السلاح، الذخائر، والمركبات، والمعدات العسكرية، والمعدات شبه العسكرية، وقطع الغيار، والمساعدات التقنية، والتدريب، والمساعدات المالية، وكل ما يتصل بالأنشطة العسكرية، أو توفير أي أسلحة، أو توفير أفراد مرتزقة مسلحين، سواء كان مصدرهم أراضيها أم لا».
الخلاصة، أن هذه العاصفة، جمعت ما افترق، وعززت العلاقات السعودية الإماراتية، وفتحت مجالات من العواطف المجتمعية، لم يعد يفرق بين سعودي وإماراتي، وكانت جولة الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى دول الخليج، والتفاعل الاجتماعي معها، أبرز الأدلة على هذا التكاتف والتعاطف والتعاون، وهذا ما انتظرناه من مجلس التعاون الخليجي، منذ ثلاثين سنة وأكثر.
هذه هي العاصفة، نتائج ستراها الأجيال القادمة... والنصر، صبر ساعة!