كان زينغ هي، جنرالاً مسلماً، ساعد في تقديم الصين للعالم، وخلال 28 عاماً من الترحال، زارت سفنه العملاقة 37 بلداً، وقامت بسبع رحلات بحرية كبرى للتجارة والدبلوماسية.

غطت تلك الرحلات مسافة تصل إلى أكثر من خمسين ألف كيلومتر، وضم الأسطول الأول 27870 رجلاً على متن 317 سفينة، وأشار المؤرخون إلى أن الأمر كان يشبه مدينة صغيرة متحركة، والإبحار بأسطول كبير مثل هذا إلى مياه مجهولة إلى حد كبير، اقتضى مهارة بالغة في الإدارة، وكذلك الإبحار.

حمل زينغ هي لدى ولادته، اسم ما هي، وقام أبوه وجده بالحج إلى الأراضي المقدسة، الأمر الذي مكنه من إتقان اللغتين العربية والصينية كلتيهما، وعندما كان طفلاً، أُخذ من مدينة كونمينغ في منغوليا، على يد الغزاة الصينيين من إمبراطورية مينغ.

ُُتم توظيفه في البلاط الإمبراطوري، وألحق بمعية النبيل يان أو شو داي، وأصبح هذا الأخير أميراً، واستولى لاحقاً على العرش، وأصبح الإمبراطور يونغ لي.

وكان زينغ هي مسلماً ورعاً، إلى جانب كونه جندياً بارعاً، وأصبح أقرب مستشاري شو داي إليه، وكان شخصية قوية، وأشار بعض المؤرخين إلى أن طوله تجاوز المترين، وتجاوز وزنة المئة كيلوغرام.

ومن خلال الخدمة المخلصة، ومكافأة لمرافقة النبيل في الحملات العسكرية الناجحة، أسندت إليه القيادة العليا للبلاط الإمبراطوري.

وعرف كذلك بلقب ذي الجواهر الثلاث، وهو لقب له رمز بوذي، على الرغم من كونه مسلماً، وكان بمثابة تكريم لهذا المسؤول الرفيع في القصر.

وكان هناك عدد من الأسباب لمشاركته في الرحلات السبع العظيمة على متن «سفن الكنوز»، وكان هناك الاكتشاف العلمي والبحث عن الجواهر والمعادن والنباتات والأدوية، التي أصبحت مهمة على نحو كبير جداً، مع تعدد الرحلات.

وقد أراد الإمبراطور تحسين المعرفة الملاحية والجغرافية الخاصة بالعالم، وكانت لديه رغبة كبيرة في أن يظهر لكل الدول الأجنبية، أن الصين هي الثقافة والقوة الاقتصادية الرائدة.

ولهذا، تم تشجيع التجارة عبر البحار، وتعهدت دول أخرى بالولاء للصين، من خلال الدبلوماسية، مع قيام القادة الإقليميين بالاعتراف بالسلطة الإمبراطورية، وبعد ذلك، كانت البلاد ترسل مبعوثيها لإبداء التقدير للإمبراطور.

وقام زينغ هي بهذه الرحلات بين عامي 1405 و1433، وانضم إليه اثنان من القادة، وهما هو هسين ووانغ تشينغ هونغ.

الأمر الجميل بشأن هذه الرحلات، هو أنها كانت طويلة ومنظمة على نحو ممتاز، وكتب زينغ هي يقول: إن «62 من أكبر السفن كانت بطول 440 قدماً، وكانت كل منها تقل ما يتراوح بين 450 إلى 500 رجل، بما في ذلك البحارة والكتبة والجنود والمترجمين والحرفيين والأطباء وخبراء الأرصاد الجوية».

وفي الرحلة الرابعة، انطلق زينغ هي مع ثلاثة آلاف رجل إلى شبه الجزيرة العربية، ومدخل البحر الأحمر، وأدرك بناة السفن الصينيون، أن الحجم الهائل لسفنهم، سيجعل المناورة بها صعبة، وبالتالي، ثبتوا «دفة متوازنة»، يمكن رفعها وخفضها لتحقيق ثبات أكبر.

وكانت هذه السفن تحمل كميات كبيرة من البضائع، بما فيها الحرير والحلي المصنوعة من الذهب والفضة، وحملت أيضاً الكثير من الحيوانات الحية، بما في ذلك الزرافات والخيول الجمال، وكذلك الطيور والنعام.

ومع نهاية زينغ هي، كان لديه أسطول قام بسبع رحلات، وكانت الصين بلا نظير، من حيث التقنية البحرية والسلطة.

وبحسب مينزيس غافن مؤلف كتاب «1421»، وهو كتاب حديث عن زينغ هي. فإنه أبحر عبر المحيط الهندي إلى مكة والخليج وشرقي أفريقيا وشبه الجزيرة العربية.

وقد قام بذلك قبل عقود من رحلات كريستوفر كولومبوس أو فاسكو دا جاما، التي كانت سفنها أقل من ربع حجم السفن التي كان زينغ هي يقودها. ومن المعتقد أن زينغ هي توفي في الهند، وهو في طريقة إلى وطنه عام 1433.