يتحسر وزير خارجية كوريا الشمالية على الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ويقول في تصريح أخير، إن خلفه، الرئيس دونالد ترمب، يبدو شريراً، وذلك من تغريداته وتصريحاته.

نفس الشعور عند المرشد الإيراني الذي هاجم ترامب، واعتبر توليه الرئاسة تحولاً سيئاً، وعندما حذّر الرئيس الأميركي طهران بأنها «تلعب بالنار»، رد عليه آية الله خامنئي متحدياً بأن تصريحات ترامب لا تخيفنا، وهذا قبل ضربات توماهوك الصاروخية على مطار الشعيرات السوري.

طبيعي أن يترحم وزير خارجية كوريا الشمالية على زمن أوباما، كانت غفوة ثمان سنوات، استمتعت فيها أنظمة شريرة، مثل كوريا الشمالية وإيران، بفترة رخاء طورت قدراتها وتوسعت على حساب غيرها.

النتيجة أن كوريا الشمالية تجرأت على قصفت اليابان، لأول مرة في تاريخها منذ الحرب العالمية الثانية، وطورت سلاحها النووي والصاروخي بدرجة صارت خطراً مروعاً للعالم، وإيران استولت على سوريا والعراق وتحاول كذلك في اليمن.

واشنطن تحاول حماية أهم دولتين حليفتين لها في الشرق، اليابان وكوريا الجنوبية، لهذا أوفدت نائب الرئيس إلى العاصمة سيئول، وبعثت بحاملة طائرات إلى هناك، ورغم ضعفها السياسي، لاتزال الولايات المتحدة أكبر قوة على الأرض، تملك نحو 19 حاملة طائرات منها عشر عملاقة، روسيا لديها واحدة فقط، ومثلها الصين.

لكن القوة العسكرية وحدها لا تكفي، فأميركا تقاتل بعيداً عن أراضيها أمام دول متجاورة جغرافياً ومستعدة للتضحية بمليون عسكري بدون محاسبة داخلية.

الصين هذا الأسبوع رفعت جاهزيتها وأرسلت 150 ألف جندي إلى حدودها مع حليفتها كوريا الشمالية التي لها أيضاً حدود مع روسيا.

جيوسياسياً، الدفاع عن كوريا الجنوبية مهمة صعبة، فعاصمتها سيئول لا تبعد سوى ثلاثين كيلومتراً فقط عن حدود الجار الشمالي الشرير، الذي يتوعد بدفن العاصمة ذات الأحد عشر مليون نسمة، ولهذا السبب بنى الأميركيون أكثر منطقة عازلة محصنة في العالم على الحدود لديهم بنحو 38 ألف جندي.

ولا أودّ أن أستطرد في الحديث عن موضوع الصراع الكوري الأميركي إلا في جانب التشابه من حيث التحديات للمجتمع الدولي. فكوريا الشمالية تشبه في أوضاعها كثيراً إيران، فهما دولتان مؤدلجتان تحت حكم شمولي، معظم سياسته تقوم على بناء قوة إقليمية هائلة ضد جيرانه.

وفي الوقت الذي تطورت كوريا الجنوبية اجتماعياً واقتصادياً وباتت من أفضل دول العالم صناعياً وتقنياً فإن جارتها في شبه الجزيرة الكورية تعيش في فقر مدقع، تحت حكم نظام رجل مهووس، ينفق كل ما تملك الدولة على طموحاته بالقوة العسكرية، والحال أيضاً مشابهة في إيران، فالبلد لا يقل ثراء بموارده الطبيعية عن جاراته الخليجية، وبدل أن يحذو حذوها ويطور اقتصاده، اختار نظام طهران إنفاق مقدراته وبناء سياساته على الهيمنة والقوة الإقليمية.

والولايات المتحدة تريد حماية مناطق نفوذها ومصالحها، لكنها في فترة أوباما اتضح أنها فرطت فيها كثيراً، وهي اليوم ترى أنه لا بد من وضع حدود للسلوك السوري والكوري الشمالي، وتوجيه رسالة صريحة أنها مستعدة للدفاع عن مصالحها، ومناطقها ضد التوجهات الروسية والصينية.

لا ننسى أن الولايات المتحدة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر وهي تصارع من أجل ترميم صورتها كدولة قوية، لكنها منذ ذلك التاريخ لم تحقق الكثير، فحرب العراق أديرت بشكل فاشل، ثم مرت ثمان سنوات انكفأت فيها واشنطن تحت إدارة أوباما، واليوم واشنطن أمام عالم يتغير في حدوده ونفوذه.