لنتحدث اليوم، عن المئة اليوم الأولى، للرئيس الأميركي دونالد ترامب، لنثبت أن السياسة حافلة بالتغيرات، والتناقضات، وأن هناك فرقاً بين ما هو ممكن وما هو واقع، وما بين ما يريده الرئيس، وما تريده المؤسسة.

صرح ترامب بمجموعة من الأمور، وعلينا أن نجري مقارنة بين ما قيل، وما حدث فعلياً، لنحلل المشهد بعمق كبير، في سياقات إثبات أن الواقع مختلف تماماً عما يتصوره كثيرون.

قال الرئيس ترامب إنه لن يفجر في سوريا، وصدقتم هذا الكلام، ومن ثم ضرب سوريا، وقال إنه سيبني جداراً على طول الحدود مع المكسيك، وصدقتم ذلك، والآن يقول وزير الأمن الداخلي «من غير المحتمل أن الرئيس سيأمر ببناء جدار».

قال الرئيس أيضاً، إنه سينظف واشنطن، وصدقتم هذا الكلام، ومن ثم قدم إلى إدارته الكثير من أصحاب الملايين، والرؤساء التنفيذيين وول ستريت موغولس، مقارنة مع أي إدارة في التاريخ، لوضع القوانين التي ستثري أعماله.

خلال حملته الانتخابية، صرح الرئيس بأنه سيلغي نظام «أوباما كير»، ويستبدله بشيء «رائع». صدقتم ذلك، لكنه لم يفعل الأمر، لاعتبارات كثيرة، لأن التمني شيء، والواقع شيء آخر تماماً.

قال إنه سيستخدم خبرته العملية ليعدل من شكل البيت الأبيض. صدقتم ذلك. ومن ثم أوجد فوضى واختلالاً وظيفياً أكثر، ودخل البيت الأبيض في أضعف حالاته، حيث ما من أحد يتحمل المسؤولية.

ذات الرئيس قال إنه سيحرر العائدات الضريبية، أخيراً. وصدقتم ذلك. إلا أنه لم يفعل ذلك، وقال إنه لن يفعل ذلك أبداً، ثم قال إنه سيعتق نفسه من إمبراطوريته المالية لتجنب أي مشكلات من نوع معين، وصدقتم هذا، وظل منخرطاً على نحو كبير في أعماله، ويجني المال من الشخصيات الأجنبية التي تنزل في فندق واشنطن. وجعل الصين تعطي ترامب علامة تجارية وحقوق تأليف ونشر.

قال الرئيس خلال حملته الانتخابية إن هيلاري كلينتون في جيوب «غولدمان ساكس»، وستفعل أي شيء يقولونه، وصدقتم هذا، ومن ثم وضع نصف المديرين التنفيذيين من «غولدمان ساكس» في مواقع سلطة في إدارته.

لا ننسى أيضاً، أنه في غمرة المعركة الانتخابية، قال الرئيس أيضاً، إنه سيحيط نفسه بأفضل وأذكى الناس. وصدقتم ذلك. ومن ثم عين بيستي ديفوس خصم التعليم العام وزيرة للتعليم، وعين جيف سيشنز، المعارض لقانون الحق في التصويت مسؤولاً عن حقوق التصويت، ووضع بن كارسون معارض قانون الإسكان العادل مسؤولاً عن الإسكان العادل، ووضع سكوت برويت، الذي ينكر مسألة تغير المناخ، مسؤولاً عن وكالة حماية البيئة.

قال إنه يريد تنفيذ القانون، وصدقتم ذلك، ومن ثم قال إن باراك أوباما تجسس عليه من دون أي دليل على أنه فعل ذلك، كي يصرف الانتباه عن تحقيق مكتب التحقيقيات الفدرالي بشأن وجود تحالف بين حملته والنشطاء الروس للفوز في الانتخابات.

اتهم باراك أوباما بالتلاعب، برغم كونه «القائد العام». ووعد بألا يكون أبداً ذلك الرئيس الذي يحصل على إجازة على حساب دافعي الضرائب، ولا حتى عندما كان هناك الكثير من العمل المهم لفعله. وصدقتم ذلك.

الآن أنفق الكثير من المال في شكل ضرائب على العطلات، مقارنة بما فعل أوباما خلال السنوات الثلاث الأولى من رئاسته، ومن دون ذكر كل المال الذي ينفقه دافعوا الضرائب لحماية عائلته، بما في ذلك أولاده الذين يسافرون في كل أنحاء العالم من أجل أعمال ترامب.

قال إن أخبار واشنطن بوست ونيويورك تايمز «كاذبة»، وأن الصحافيين فيهما أعداؤه. وصدقتم ذلك. والآن يحصل على البيانات من «فوكس نيوز» و«بريتبارت» وبوابة «بونديت» و«إنفوارس».

هناك فرق كبير بين الكلام والواقع، وهذا أمر يواجه أغلب الرؤساء الأميركان، فالكلام خلال الحملات الانتخابية، يتغير خلال الرئاسة، والشهور الثلاث الأولى، أو المئة يوم، تثبت أن لا شيء يبقى كما هو، فكل شيء يتغير، وليس أدل على ذلك من هذه المقارنات التي تخص الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والفرق بين حملته وشعاراته، والواقع الذي واجهه في البيت الأبيض.