ما هو مذهب دونالد ترامب في السياسة الخارجية؟ للوهلة الأولى بدت السياسة الخارجية تحت حكمه غير متناسقة وخالية من أية مبادئ، وهذا غير صحيح.
قبل أسابيع قليلة خلت، حتى قبل الضربة الجوية على سوريا قال مدير الاتصالات في البيت الأبيض مايك دوبك لمساعدي ترامب إن الشؤون الدولية تمثل تحدياً لإدارة ترامب لأنها تفتقر إلى سياسة خارجية متماسكة. وبحسب ما قاله دوبك: «لا توجد عقيدة سياسة لترامب».
أعتقد أن دوبك غير محق على الإطلاق. وبالطبع لترامب مذهب سياسي.
كل ما عليك فعله هو أن تعلم أين تبحث عنه، بدأ مذهبه هذا بالظهور في الغالب عندما أصدر حظر السفر، الأول والثاني، على بعض الدول الإسلامية؟!.
لكن ترامب استثنى على نحو كبير، البلدان الإسلامية التي توجد بها مصالح تجارية، وبموجب ما يمكن أن يندرج تحت أول مبدأ لمذهب ترامب السياسي.
يتبع المبدأ الثاني على نحو منطقي المبدأ الأول، والدول التي تعتبر سوقاً محتملاً لمشاريع أميركية التي تصب أموالها في الخزينة الأميركية، أو حتى مشاريع شخصية للرئيس أو عائلته، وقد تكون مؤهلة للحصول على مزايا خاصة في حال سمح لواشنطن بجني المال هناك.
على سبيل المثال، وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، يوجد لدى ترامب حالياً نحو 157 مشروعاً تجارياً في 36 دولة.
تعتبر هذه المشاريع المسجلة أصولاً مالية عملاقة لمشاريع عملاقة يملكها الرئيس الأميركي، والتي درت عليه خلال السنوات الأخيرة مالاً كثيراً.
بعد فترة وجيزة على أدائه اليمين الدستورية، وعقب تراجعه عن مغازلته القصيرة لسياسة الفلترة، ومع سياسته تجاه الصين، منحت الحكومة الصينية موافقة أولية على توكيل 38 علامة تجارية باسمه.
أحد العوائق المحتملة المتعلقة بالمبدأ الثاني هو بند «مكافآت الدستور» الذي يحظر على المسؤولين الحكوميين في الولايات المتحدة تلقي الهدايا من دول أجنبية.
أياً كان الأمر، يبدو أن عقيدة ترامب السياسية ستنسخ الدستور، وتنتقد مجموعة أطلق عليها اسم «مواطنون من أجل المسؤولية والمبادئ في واشنطن»، وتضم الكثير من أساتذة القانون البارزين، هذا الفعل.
إلا أن الولايات المتحدة، من خلال وزارة العدل الأميركية، تجادل في مذكرة قانونية، من المتوقع إصدارها قريباً وتقضي بضرورة إلغاء الهدايا التي تعوض الرؤساء أو غيرهم من أصحاب المكاتب عن الخدمات التي قد يؤدونها من أجل الجهات الأجنبية.
التفسيرات التي تقدمت بها وزارة العدل الأميركية بشأن دستور الولايات المتحدة ليست مثل أي دفاع عشوائي، بل تحمل ثقلاً قليلاً.
من المفترض أنها تمثل وجهات نظر الولايات المتحدة، التي تجعل هذه سياسة أميركية رسمية خاصة، وبالتالي تؤكدها باعتبارها المبدأ الثاني الذي نص عليه ترامب، ويبدو المبدأ الثالث صعباً على الدول التي تقتل أطفالها بالغاز السام.
بالنسبة إلى المبدأ الأول: فما من أحد يمنح حق الدخول إلى الولايات المتحدة من دول ذات أغلبية مسلمة إلا أذا احتوت بلادهم على مصالح أميركية، وهذا يقودنا إلى المبدأ الرابع.
بعد مرور وقت قصير على تفجيرات سوريا، خول ترامب البنتاغون بإسقاط قنبلة ضخمة تزن نحو 22 ألف رطل على إرهابيين من داعش شرق أفغانستان بالقرب من الحدود الباكستانية.
وكانت تلك أول مرة يطلق فيها على القنبلة اسم أم القنابل، وهي من أضخم الذخائر التي تم إسقاطها من الهواء في مهمة قتالية.
بالتالي وبموجب المبدأ الرابع من مبادئ ترامب، احتفظت الولايات المتحدة بحق إسقاط تلك القنبلة على أي مجموعة يبدو أنها على علاقة بداعش.
ينطبق هذا أيضاً على المجموعة التي لا تقاتل من أجل أن تكسب أو من أجل أن تمسك بالأراضي التي يدعي تنظيم داعش إنه يملكها، ويمكن لهذه المجموعة أن تكون بعيدة آلاف الأميال عن تنظيم داعش في أي مكان في الأرض.
هل يمكن إسقاط "أم القنابل" على مثل هكذا مجموعة في حال كانت موجودة في دولة تحتوي على مصالح لأميركا أو الرئيس؟
هل يمكن إسقاطها على دولة تهتم بالتجارة مع أميركا أو بمصالح الرئيس الشخصية وتضعهما في عين الاعتبار؟
لا أعرف، ولم يتم حتى الآن توضيح هذه المسألة المزعجة.
المبادئ الأربعة الرئيسية متجذرة بقوة إما في ما يخص صنع المال من أجل أميركا أو الرئيس أو وقف الأشخاص السيئين عن فعل أمور سيئة، وفي حال كانت عند مايك دوبك رؤية أوضح لوجهة نظر دونالد ترامب عن العالم، لكان فهم هذا الأمر بالتأكيد.