بينما جمع لقاء حار بين كل من أنغيلا ميركل وإيمانويل ماكرون في برلين، أخيراً، كان أحد التعليقات إن ماكرون كان الشريك الأضعف.

كان هناك وفد جديد يسعى للحصول على أفضل دعم من أقوى زعيم في أوروبا. وفي هذه اللحظة كان رئيس فرنسا المضطربة يجلس مع المستشار الألماني للاقتصاد الوطني الذي يحافظ على التقدم المستقبلي، ويبدو أن نفوذه الشخصي لا يقهر.

ولكن هناك طريقة أخرى للنظر في هذا اللقاء، فماكرون لا يعتبر متسولاً في هذه العلاقة، وفي الحقيقة وبعيداً عن هذا الأمر فإن ارتقاءه السريع فعل كل شيء ما عدا أنه أنقذ أنغيلا ميركل.

إلا أنه أرجعها إلى الوراء أيضاً، وكذلك فعل مع بقية زعماء القارة الأوروبية، وذلك بعيداً عن حافة الكارثة السياسية، وتم تفادي موجة هائلة من هيمنة اليمين المتطرف. وقد يكون هناك مزيد من الامتنان الألماني والتعاون المستقبلي الذي يتوقعه كثيرون.

ومن خلال هزيمة مارين لوبان، عندما تبين أن «بريكست» والرئيس ترامب أثارا كثيراً من الشكوك حيال نسيج الديمقراطية الليبرالية اليوم، فإن ذلك لم ينقذ سمعة بلد واحد في حد عينه بل قيل إنه منع ميركل من أن تكون معلماً في التاريخ، باعتبارها المستشارة الألمانية التي ترأس الاتحاد الأوروبي.

أنغيلا ميركل الإنسانة الشاكرة قد تبدو مميزة، وعقب كل شيء فإن حزب ميركل الديمقراطي فاز للتو في الانتخابات الإقليمية الرئيسية، مما عزز الآمال بإعادة انتخابه في سبتمبر المقبل، ومنذ سنوات اعتاد المسؤولون الألمان رؤية فرنسا كرجل أوروبا المريض.

إلا أن لدى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل اهتمام ملحوظ في تعزيز الآمال الأوروبية التي تحسنت منذ الانتخابات الفرنسية.

وقالت الكثير قبل وقت كافٍ من زيارة ماكرون، مشددة على أن بالإمكان «الدفع بالديناميكية باتجاه تطوير أوروبا»، وأضافت: «مستقبل ألمانيا يكمن في أوروبا. وستحقق أداءً جيداً على المدى الطويل إذا ما أقدمت أوروبا على فعل أمور جيدة».

ولن تنسى ميركل الرسوم الكاريكاتورية التي ظهرت في بعض وسائل الإعلام في جنوب أوروبا خلال أزمة منطقة اليورو، والتي تصورها بشارب هتلر أو خوذة مدببة، أو كيف قام سكان شرق أوروبا بتخريب سياسات اللاجئين؟

وبالتالي نتوقع من برلين أن ترسل إشارات إيجابية لتعزيز آفاق ماكرون الانتخابية في الانتخابات البرلمانية الفرنسية. وستكون هناك خطط أعمق من أجل تعاون دفاعي أكبر.

وتعميق التعاون الدفاعي سيـُبحث بالتأكيد. ولطالما كان التعاون يشجع على وجود بيانات من وزير المالية الألماني، وولفغانغ شوبل. وهو الرجل الذي يرتبط ببعد ذي وجه تاريخي بشأن العلاقة الفرنسية الألمانية، وهو أعمق بكثير من أي أهمية تعزى إلى المعوقات المالية لليونان.

كل ذلك يتطلب معايرة دقيقة، لا سيما بالنسبة إلى الذين يريدون أن يظهروا بمظهر من لا يتلقى مساعدة، ولن يسعى الرئيس الفرنسي إلى هذا النوع من المساعدة العلنية، فالمنتقدون الشعبويون سيدعون حتماً بأن ألمانيا تملي على فرنسا ما تود فعله.

ولدى ميركل نمط شخصي مهزوم، على النقيض من النمط الخاص بماكرون، وكقاعدة عامة فإنها تحب تشكيل من يعرفون بالوافدين الجدد، على غرار ما حاولت أن تفعل مع رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس خلال محادثات ممتدة على المدى البعيد وجهاً لوجه.

ولكن منذ البداية كان من المثير للاطمئنان أن ماكرون أوضح أن إصلاحاته الطموحة في منطقة اليورو تتوقف على فرنسا أولاً وتتعلق بمعالجة التحولات الاقتصادية الهيكلية، ولن تحتاج ألمانيا إلى تقديم ميزانية مشتركة لمنطقة اليورو حتى وقت لاحق. لذلك لا يزال هناك وقت أمام من يفوز في الانتخابات الألمانية.

وانطلقت ميركل إلى دور القيادة في أوروبا، والذي لم تسع إليه بالضرورة، وبطرق كثيرة لاتزال بلادها تتصدى للمسؤوليات الدولية الجديدة التي فرضها عليها المشهد الجيوسياسي المتغير.

ولهذا السبب فإن لقاء ميركل بماكرون لن يكون أبداً لقاءً استثنائياً، ولا مشروعاً فرنسياً ألمانياً يمكن التنبؤ به.

لا ينبغي أن يكون الرسم الكاريكاتوري لحظة من الغموض الفرنسي، أو فرصة بالنسبة إلى الطلبات التي يمكن أن يقدمها طرف أقل يسعى إلى الحصول على مزيد من التفاصيل.