يقال إن للإنسان العادي عدة شخصيات وكأنه مزدوج في سلوكه وخاصة مع أقرب الناس له، ومن هنا فإن للسفر العديد من الفوائد وربما أيضاً مضار تلحق بالمسافر، وهي حالة بحاجة إلى علماء النفس البشري، وعلى سبيل المثال يرى بعض علماء النفس أن للملابس التي يرتديها الإنسان في السفر أثر من ذلك، البنطلون والقميص وربما الجاكيت يعطى مساحة من الحرية، بينما الدشداشة والغترة والعقال قد تجعل الشخص أكثر تعقلاً، وكذلك تأثير حرارة الجو، مثل ارتفاع الحرارة في الدول التي تبلغ بها درجات الحرارة فوق الخمسين، وعلى عكس ذلك انخفاضها لتصل إلى درجة التجمد والبرودة التي تجعل الجسم الإنساني لا يتحملها من شدتها وعلينا أن نعيد قراءة سيجمون فرويد، وذلك الذي تعمق في معرفة الإنسان من الداخل ومدى تأثره بالعوامل الطبيعية.

حيث إن الإنسان العادي يخفي الكثير من المشاعر، وكما يقال أن هنالك من يبتسم لك وفي داخله يلعنك بصمت ولا يخرج ذلك على ملامحه الخارجية.

بالأمس وبعد العودة من الإجازة السنوية، قررت أن انفرد بعيداً عن الكل في محاولة للمراجعة، وربما جلد الذات إذا كانت بعض السلوكيات قد مست الآخرين بشكل من الأشكال. ولم تكن الذات تريد ذلك، فقد غلبتني العفوية في بعض التصرفات، والتي قد يتقبلها البعض، بينما يرفضها البعض الآخر، وخاصة الجنس الناعم، أي المرأة وهي حساسة لكل همسة أو حركة عليك إدراك هذا مبكراً.

إلا أن الميزة مع النساء أن أقل اعتذار منك لهن، هو الذي يعيد الراحة لهن والرضا والهدوء، وهذا بحد ذاته سلوك حضاري لا يفرق بين الناس حسب أعمارهم.

المرح مطلوب، خاصة في الرحلات الجماعية، وعادة يكون من بين الأصدقاء من يسمونه فاكهة الرحلة، لما يقدم من روح المرح والدعابة والفكاهة، ويدرك الجميع أهمية الأم في الرحلات الجماعية، لأنها هي التي تراعي الجميع وخاصة الأطفال.

على الإنسان أن يندمج مع الجماعة رفاق الرحلة، وأن يضغط على ذاته للتخلي عن بعض من عاداته، مثل التدخين وهو من حالات الإدمان، فمن تعود على التدخين لفترة قد تزيد عن ثلاثين عاماً، يصعب عليه التخلي عنها، حتى ولو أخلاقياً وسط الناس.

الإنسان الذي تعود على نمط معين من الحياة، وخاصة المغرقون في العمل، ربما لا يستمتع بالإجازة، كما أن العديد من الأفراد الذين يقدسون العمل والإنجاز حتى على حساب راحتهم العقلية والجسدية ينسون أن الراحة شرط بعد عمل متواصل طوال العام، وبدونها لا يستمر العمل، أو القدرة على العمل، إنما الانخراط في العمل بدون اللجوء إلى الراحة فهو الكارثة، لأنه سيؤدي في النهاية إلى كراهية الاثنين، العمل والراحة معاً، لهذا تفضل الراحة مع التغيير والابتعاد عن نمط العمل وأماكنه، ومعرفة أماكن جديدة وشعوب مختلفة، وحتى التغيير في استغلال وسائل المواصلات بترك السيارات الخصوصية وركوب الباص أو القطار أو غيرهما، هذا التغيير في حد ذاته يعطي طاقة جديدة للحياة وللعمل.

وعلى النساء في الرحلات أن يقللن بقدر الإمكان من عادة التسوق في الأسواق، لأنه نمط حياتي يتحول عند المرأة بالتحديد إلى إدمان يفقدها فرص كثيرة في التمتع بالحياة، ناهيك عن أن هذه العادة مصدر مشاكل كثيرة للزوجات مع الأزواج، خاصة في الرحلات الخارجية.