يصادف الثامن والعشرين من أغسطس يوم المرأة الإماراتية وهو اليوم الذي خصصته الإمارات للاحتفاء بإنجازات المرأة، تلك الانجازات التي عانقت بها المرأة هامات السحاب.
فيوماً بعد يوم تثبت المرأة الإماراتية أنها أهل لتلك الثقة التي أولتها إياها القيادة السياسية، ويوماً بعد يوم تظهر المرأة وطنيتها اللامتناهية في خدمة بلدها من خلال التضحيات الجمة التي تقدمها، وهي راضية ومقتنعة ومؤمنة بالثوابت الوطنية التي آمنت بها الإمارات.
تجسد حب الوطن في قلب المرأة الإماراتية في أشكال كثيرة منها التضحية بالمال والجهد والوقت لخدمة بلدها الإمارات، ولكن يبقى أهم وأنبل تضحياتها هي تضحيتها بفلذة كبدها في حب الإمارات. ففي حديث لإحدى أمهات الشهداء أعربت تلك الأم عن سعادتها لاستشهاد ابنها البطل، وقالت إنها كانت تستعد لتزفه عريساً فزفته شهيداً.
فما أعظم تضحية تلك الأم التي قدمت فلذة كبدها فداءً للوطن والمبادئ التي يؤمن بها، وما أعظم مثيلاتها من أمهات وقريبات الشهداء اللواتي قدمن التضحية تلو الأخرى.
إنها المرأة الإماراتية في أعظم إنجاز لها سوف يرويه التاريخ.
منذ العقد الأول للاتحاد والمرأة محرك رئيسي من محركات التنمية وعامل مهم من عوامل نهضته وتطوره. فلم تتوان المرأة من الدخول في أي مجال ترى فيه خدمة لوطنها سواء في القطاع العام أو الخاص. فكانت قاضية وقائد طائرة حربية، مهندسة ومدرسة وطبيبة ومسعفة.
وبالإضافة إلى القطاع العام المفتوح أمام المرأة دخلت المرأة القطاع الخاص بكل تحدياته، متسلحة بعلمها وعملها، فكانت إضافة نوعية ومتميزة لذلك القطاع. أما في ريادة الأعمال فقد برعت المرأة الإماراتية حتى أصبحت سيدة أعمال متميزة.
فكان سجلها المجتمعي في العقود الأولى من عمر الاتحاد أبيض ناصعاً وازداد بياضاً عندما قدمت أغلى ما تملك، وهو فلذة كبدها وزوجها وشقيقها شهداء في حب الوطن، فكانت أم الشهيد وابنة الشهيد وأخت الشهيد وزوجة الشهيد. وتقديراً لعطائها، فقد شرّعت الإمارات كل القوانين التي تسهل لها المشاركة في الحياة العامة بكل سهولة ودون أي تميز أو تفرقة.
وتشير الدراسات الدولية عن دولة الإمارات إلى أن الفجوة بين الجنسين تقلصت بشكل كبير خلال السنوات السابقة، حيث أصبحت المرأة أكثر تأثيراً في الحياة العامة والحياة النيابية والاقتصادية وفي ملكية الشركات وغيرها.
وبدأ دور المرأة يتزايد لا سيما فيما يتعلق بشغل المناصب الكبرى والقيادية لاعتبارات عدة، منها الرغبة الرسمية في تمكين المرأة عن طريق إشراكها في صلب الحياة العامة، ورغبة المرأة نفسها في الولوج إلى مجالات جديدة تناسب كفاءاتها وقدراتها المكتسبة.
ولعل أهم دور لعبته المرأة خلال السنوات القليلة الماضية هو دورها الكبير في توجيه المشاعر الوطنية نحو هدف واحد هو مبادئ الإمارات الوطنية والثوابت التي قامت عليها. فكانت المرأة الإماراتية كشجرة الغاف (شجرة الاتحاد) رمزاً للوحدة واللحمة الوطنية.
إن دولة الإمارات حينما تحتفي هذه الأيام بإنجازات المرأة الإماراتية إنما تحتفي بنصف المجتمع الذي ينجب النصف الآخر. وفي هذا تقدير وتشريف للمرأة المسؤولة عن إنجاب وتهذيب وتربية النصف الآخر.
فهنيئاً للمرأة الإماراتية التي أصبحت بفضل التشريعات والقوانين تعيش عصرها الذهبي، وهنيئاً للمرأة الإماراتية التي استطاعت كسب ثقة القيادة السياسية بجدها واجتهادها وتضحياتها الجمة لخدمة وطنها، حتى باتت مضرب الأمثال بين النساء العربيات.
إن الاحتفاء بيوم المرأة الإماراتية هو احتفاء بالعنصر الأهم في عملية التنمية المستدامة، ألا وهو العنصر البشرى. فقد عمدت الإمارات ومنذ إنشائها على إيلاء العنصر البشرى أهمية كبيرة كونه الأغلى في عملية التنمية المجتمعية. وهكذا أثمر هذا الاهتمام عناصر بشرية ليست فقط تمتلك مهارات وطاقات هائلة وكفاءات مؤثرة وقادرة على المنافسة، ولكنها تمتلك ما هو أهم من ذلك: الولاء والانتماء لهذا الوطن والاستعداد للتضحية بكل غالٍ ونفيس.
إن المرأة الإماراتية اليوم وهي تلج أبواب المستقبل، تدخله بكل ثقة ومتسلحة بما يتطلب هذا المستقبل من مهارات مكتسبة وقدرة تنافسية عالية في كل المجالات.
وقد دخلت الإماراتية مجال الفضاء في استعداد مبهر في سباق المستقبل وما يمثله ذلك المستقبل لدولة الإمارات. فهنيئاً للمرأة الإماراتية يومها الوطني وهنيئاً لدولة الإمارات بابنتها المعطاءة التي أثبتت أن العطاء والتضحية لا يفرق بين ذكر وأنثى.