لم تخرج قطر بجزيرتها إلى العالم من دون وعي بأهمية الإعلام الموّجه نحو مخاطبة الرأي العام والتأثير فيه، ولم تكن تظهر إلى الوجود من دون أجندة خاصة تريد تنفيذها في الوطن العربي.
ولنا أن نتساءل هل كان هدف قناة الجزيرة الفضائية ثقافياً توعوياً لخدمة الجماهير العربية؟
لو كان الهدف كذلك فلماذا كانت الحكومة القطرية قبل ذلك بزمن قد أصدرت قراراً بتعطيل كل المجلات الحكومية القطرية، وشمل ذلك مجلات: الدوحة، والأمة، والصقر.
وهذا أمر يجعل المرء يتساءل ما هو الهدف الحقيقي لإنشاء قناة الجزيرة؟ وأين بدأت فكرة قناة الجزيرة ومع من بدأت؟
قبل انطلاقة الجزيرة بسنة أو أكثر تم نشر خبر في الصحف العربية أن مسؤولين قطريين من السفارة القطرية في واشنطن تباحثوا مع إسرائيليين في واشنطن بشأن انطلاق قناة فضائية من قطر. لم يمر وقت طويل حتى انطلقت الجزيرة ببرامج حركت الساكن في الوطن العربي.
ولكن باتجاه صار واضحاً مع تداعيات الربيع العربي أنه معاكس لمصالح الشعوب العربية، حيث أسهمت في الدور الذي قادت إليه الجماهير العربية المتعطشة إلى الحرية لكنه كان طريقاً إلى الدمار وهذا ما شاهدناه في مصر وليبيا وسوريا والعراق واليمن.
كان برنامج فيصل القاسم «الاتجاه المعاكس» في البداية برنامجاً يشدّ الجمهور لطرحه قضايا مثيرة للجدل على مستوى عربي، وكانت تعالج القضايا المثيرة للجدل في كل مكان باستثناء قضايا تخص قطر.
مثل هذا البرنامج كان برنامجاً تسمع فيه جعجعة ولا ترى طحناً، ولم يحقق البرنامج سوى إثارة الفتن والبلبلة وتشويش آراء الناس ولم يكن باستطاعة الناس التفاعل فيه بشكل ديمقراطي.
فهناك حارس بوابة هو الذي يسمح ببث المداخلات والتي تكون أحياناً كثيرة مرتبة مسبقاً. هذا البرنامج وغيره من برامج الجزيرة عملت على السعي لإثارة الخلافات بين الدول العربية والنعرات بين شعوبها، ولعل أخطر ما قامت به دورها في تفجير تلك الصراعات داخل عديد من الدول العربية لتتحول إلى حروب أهلية نشاهد آثارها المفجعة اليوم.
في جانب آخر تحت دعوى الرأي الآخر، قامت قناة الجزيرة باختراق الإجماع العربي الذي يدعو إلى عدم التطبيع مع إسرائيل، وكان دورها جلياً في هذا الجانب، فقد باتت تستضيف معلقين إسرائيليين من تل أبيب بمن فيهم صحافيون وناطقون باسم الحكومة الإسرائيلية وجيش الدفاع الإسرائيلي، وتتيح لهم الدفاع عن جرائم إسرائيل ونشر أكاذيبهم ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته. هذا الدور الذي لعبته كان خطيراً، ولذا كان لها فضل السبق في الرعاية الإسرائيلية بفتح مكاتب لها في الأراضي المحتلة فتقدم تسهيلات لمراسليها.
ومن مظاهر التطبيع فقد بثت قناة «الجزيرة الرياضية» مباراة كرة القدم بين فريق ماكابي حيفا الإسرائيلي وفريق بايرن ميونيخ الألماني في 15 سبتمبر 2009 في رامات غان لتكون المرة الأولى التي تنقل فيها إحدى القنوات العربية مباراة لفريق إسرائيلي.
لقد كانت قناة الجزيرة من خلال الرياضة تحاول أن تقود عملية «للتطبيع الشعبي» مع الكيان الصهيوني الذي طالما حلم بالتطبيع مع الشعوب العربية على حساب الشعب الفلسطيني.
والتساؤل الآن وبعد أن فقدت الجزيرة كثيراً من مصداقيتها وشعبيتها التي تمتعت بها نحو عقد من الزمن منذ تأسيسها، ورغم الرعاية الظاهرة لإسرائيل لها طيلة ربع قرن نتساءل فلماذا أغلقت إسرائيل مكاتب