ما هو مذهب دونالد ترامب في السياسة الخارجية؟ للوهلة الأولى بدت السياسة الخارجية تحت حكمه غير متناسقة وتعسفية وخالية من أي منطق.

وقبل الضربة الجوية على سوريا قال مدير الاتصالات في البيت الأبيض مايك دوبك لمساعدي ترامب إن الشؤون الدولية تمثل تحدياً لإدارة ترامب لأنها تفتقر إلى سياسة خارجية متماسكة. وبحسب ما قال دوبك: لا توجد عقيدة سياسية لترامب.

أعتقد أن دوبك غير محق على الإطلاق. وبالطبع لترامب مذهب سياسي. كل ما عليك فعله هو أن تعلم أين تبحث عنه. بدأ مذهبه هذا بالظهور في الغالب عندما أصدر حظر السفر لأميركا (الأول والثاني) على بعض الدول.

لكن ترامب استثنى على نحو كبير، البلدان الإسلامية التي توجد بها مصالح تجارية. وبموجب ما يمكن أن يندرج تحت «أول مبدأ لمذهب ترامب السياسي» فإن الناس التي تعيش في دولة ذات أغلبية مسلمة لديها فرصة لدخول الولايات المتحدة فقط في حال كان بلدها يحتوي على مصالح لأميركا أو لترامب شخصياً.

وعلى سبيل المثال، وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، يوجد لدى ترامب حالياً نحو 157 مشروعاً تجارياً في 36 دولة. وتعتبر هذه المشاريع المسجلة أصولاً مالية عملاقة لمشاريع عملاقة يملكها الرئيس الأميركي، والتي درت عليه خلال السنوات الأخيرة مالاً كثيراً، من خلال بيع اسمه عوضاً عن البناء أو فعل أي شيء. وبعد فترة وجيزة على أدائه اليمين الدستورية، وعقب تراجعه عن مغازلته القصيرة لسياسة «الفلترة»، ومع سياسته تجاه الصين، منحت الحكومة الصينية موافقة أولية على توكيل 38 علامة تجارية باسمه.

وقال بيتر ريبلينغ، وهو محام للعلامات التجارية في واشنطن، لصحيفة التايم: كانت تلك هدية رائعة، وأضاف: الوصول إلى الحق المطلق باستخدام تلك العلامة التجارية في الصين ضد أي شخص آخر في هذا العالم يشبه التلويح بعصا سحرية.

وأحد العوائق المحتملة المتعلقة بالمبدأ الثاني هو بند «مكافآت الدستور» الذي يحظر على المسؤولين الحكوميين في الولايات المتحدة تلقي الهدايا من دول أجنبية.

وأياً كان الأمر. يبدو أن عقيدة ترامب السياسية ستنسخ الدستور. وتنتقد هذا الفعل، مجموعة أطلق عليها اسم «مواطنون من أجل المسؤولية والمبادئ في واشنطن»، وتضم الكثير من أساتذة القانون البارزين.

إلا أن الولايات المتحدة، من خلال وزارة العدل الأميركية، تجادل في مذكرة قانونية، من المتوقع إعدادها وتقضي بضرورة إلغاء الهدايا التي تعوض الرؤساء أو غيرهم من أصحاب المكاتب عن الخدمات التي قد يؤدونها من أجل الجهات الأجنبية، وليس من أجل السياسات العامة التي يتقدمون بها والتي تعود بالنفع على قوة أجنبية.

التفسيرات التي تقدمت بها وزارة العدل الأميركية بشأن دستور الولايات المتحدة ليست مثل أي دفاع عشوائي، بل تحمل ثقلاً قليلاً. ومن المفترض أنها تمثل وجهات نظر الولايات المتحدة، التي تجعل هذه سياسة أميركية رسمية خاصة. وبالتالي تؤكدها باعتبارها المبدأ الثاني الذي نص عليه ترامب. ويبدو المبدأ الثالث صعباً على الدول التي تقتل أطفالها بالغاز السام.

وقد تتذكرون أن ترامب لطالما كان يعارض قصف سوريا منذ فترة طويلة جداً. ولكن بحسب ما قيل مؤخراً فإن هجوم بشار الأسد على الأطفال «كان له تأثير كبير عليه». وأضاف :إن توجهاتي تجاه سوريا والأسد تغيرت كثيراً، وأتى ذلك بعد التفجير. وهذا لا يعني أن الأطفال المعرضين للخطر سيمنحون اللجوء في الولايات المتحدة. وبالنسبة إلى المبدأ الأول: فما من أحد يمنح حق الدخول إلى الولايات المتحدة من دول ذات أغلبية مسلمة إلا أذا احتوت بلادهم على مصالح أميركية. وهذا يقودنا إلى المبدأ الرابع.

وليس عقب مرور وقت طويل على تفجيرات سوريا، خوّل ترامب الـ"بنتاغون" بإسقاط قنبلة ضخمة تزن نحو 22 ألف رطل على إرهابيين من «داعش» شرق أفغانستان بالقرب من الحدود الباكستانية.

وكانت تلك المرة الأولى يطلق فيها على القنبلة اسم «أم القنابل»، وهي من أضخم الذخائر التي تم إسقاطها من الهواء ومستخدمة في مهمة قتالية.

هل يمكن إسقاط «أم القنابل» على مثل هكذا مجموعة في حال كانت موجودة في دولة تحتوي على فندق لترامب؟ أو هل يمكن إسقاطها على دولة تدرس فكرة الأخذ بتجارة ترامب في عين الاعتبار؟ لا أعرف. ولم يتم حتى الآن توضيح هذه المسألة المزعجة.

ولكن بالتأكيد فإن هذا لا يقلل من الاتساق الكلي أو من وضوح مذهب ترامب للسياسة الخارجية.