إن ذاكرة الإنسان، هي المخزن للعديد من الأحداث والقضايا، ومع ذلك لم يستغل الإنسان إلا جزءاً بسيطاً منه، وحتى أولئك العباقرة، الذين صنعوا المعجزات وساهموا في رسم مستقبل البشرية، كانوا نتاج مجتمعاتهم وبيئتهم، إن أطفال اليوم هم الذين سيتواصلون مع العوالم الأخرى التي لا نعرفها، هم الذين سيحطمون الحواجز وكل ما هو ممنوع في هذا الزمن.

حاول العديد من المبدعين في عالم السينما تصور تلك المرحلة من التاريخ، وتخيل البعض منهم أيضاً أن سكان تلك الأقمار البعيدة، يحاولون الوصول إلى كوكب الأرض لأجل معرفة الأوضاع الاجتماعية بكل أطيافها، والسياسية بكل مكائدها ودهاء أصحابها، والاقتصادية التي هي محركة التاريخ، فمنذ محاولات الهيمنة، سواء بالنظرية الرأسمالية أو الاشتراكية أو بين البين، والإنسان يبحث عن الحقيقة.

ألم تكن التفاحة، وهي فاكهة لذيذة، هي التي أوحت إلى نظرية الجاذبية، وكانت بداية إلى العديد من العلوم التطبيقية لدى الذين غيروا هذا العالم شبه الساكن ظاهرياً؟.

وجاءت الرسائل السماوية والتي نزلت على البشر، فظهرت الديانات، الإسلام، المسيحية، اليهودية، وغيرها من الديانات، وشيدت المعابد، اعتقاداً من الإنسان أن ذلك هو طريق الخلاص مستقبلاً، إلا أن حيرة الإنسان، والتفكير لما بعد خروج الروح من الجسد، ودفن الجسد في القبر أو غيره من الأماكن، كانت هي المعضلة الصعبة دائماً.

في وقت لم تكن هناك لغات متعارف عليها، كانت لغة الجسد هي ما يعبر به الإنسان للتواصل مع الآخر، وكانت هذه اللغة أيضاً تحمل معاني مختلفة من ثقافة إلى أخرى. وكانت حركة اليدين أو العيون، أو حتى غيرهما من أعضاء الجسد الإنساني لها دلالات لا يفهمها إلا أبناء نفس الثقافة أو الحضارة، وكان على الإنسان أن يكون حذراً مما يبدو منه للآخرين، فربما يفهم على عكس ما يريد.

وكان الإبداع الفردي هو أساس الفن الجميل، وكانت الموسيقى هي التي تحاول أن تكون الناطق لذلك الإنسان الصامت، ومعها أيضاً برز نحت التماثيل وتشييد المدن التي ازدهرت مع تطور العلوم، وجاء نتيجة لذلك صراع الحضارات والثقافات معاً، إنها ضريبة النمو والتطور وإثبات الذات.

كما أن هناك علاقة ولغة بين الإنسان والطبيعة، وعندما نعتني بالشجرة أو الزهرة فكأنها تراقبنا وتنظر إلينا من دون لغة أو غيرها، وكأنها تدرك أننا سعداء بنموها وكأنها أحد أبنائنا أو أحفادنا، هي العلاقة بين الإنسان والطبيعة، هذه الطبيعة التي تعطي للإنسان أفضل ما عندها، وأيضاً تغضب على البشر فتخرج ما في باطنها من نيران وغازات مهلكة للإنسان، على الإنسان أن يكون رحيماً بها حتى لا تغضب عليه.

أتذكر في هذه الأيام من عام 1990، عندما رحل عنا المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، ذلك الإنسان الذي رسم مع أخيه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وحكام دولة الإمارات مستقبل الإمارات العربية المتحدة، بشكل عام، ودبي بشكل خاص، حيث إن ما نشاهده اليوم هو جزء من عقل ذلك الإنسان ممن فكر بالمستقبل بشكل مستنير جداً، وحول صحراء دبي إلى جنات وعمران وحضارة وشق الأنفاق تحت الماء والجسور فوقها والطرق في كل مكان، وتعامل، مثله مثل رفيق دربه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مع الطبيعة بكل رحمة وإنسانية وتحضر، وها هم أبناؤهم على نفس الدرب يكملون المسيرة.