جاءت القمة العالمية للحكومات في دورتها السادسة لتدشن مرحلة جديدة في الوعي العالمي محورها كلمتان «الإنسان والمستقبل»، فقد وصف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم القمة بأنها «اجتماع لخير البشرية»، ضم هذا الاجتماع نحو 140 حكومة و4000 مشارك و16 منظمة دولية، قدموا إلى الإمارات لرسم خريطة طريق لمستقبل يسعد البشر، جميع البشر بدون تفرقة ولا تمييز على أساس ديني أو عرقي أو مستوى اجتماعي، هذه الصورة الواعدة للمستقبل الإنساني العام انطلقت من دولة الإمارات العربية المتحدة، تلك الدولة التي صارت حادي الركب الإنساني، وبؤرة إشعاعه الرئيسية من خلال مبادرات قياداتها المبدعة والخلاقة ممثلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، اللذين يضعان نصب أعينهما سعادة شعبها وشعوب العالم.

هذا الحدث وغيره مما يحصل على أرض الإمارات وما ينتج عنها من آثار عظيمة من مشاريع ومبادرات تنموية رائدة هدفها سعادة هذا الشعب، يقدم شعلة أمل مضيئة لدول العالم كافة وشعوبها في تحقيق تقدم بشري لمصلحة الإنسان ولتحقيق سعادته، ولضمان التعايش بين البشر، في تسامح ووئام، وفي هذه الفعاليات كذلك دلالة على أن قيادة دولة الإمارات تنطلق في تحقيق منجزاتها من رؤية متقدمة فريدة، وتعتمد على خطط استراتيجية مدروسة تترافق معها متابعة دقيقة للتطبيق والإنجاز وفق برنامج زمني محدد، هذا ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في كتابه العظيم «رؤيتي»، وهذا ما يلمسه الراصدون والمتابعون لمسيرة الإمارات ونهضتها الرائعة.

لقد صارت الإمارات بفضل حكمة قيادتها الرشيدة تقدم نموذجاً متميزاً للعالم في الحكم الذي ينشغل بمصالح الإنسان وسعادة الإنسان، فبدأت في إعادة تشكيل مفهوم الحكومة في الوعي البشري، فللمرة الأولى في التاريخ تكون هناك وزارة مهمتها ضمان تحقيق التسامح والتعايش بين جميع الموجودين على أرض الإمارات الذين يشكلون عينة ممثلة بدقة للبشرية جميعاً، حيث يتعايش بشر من 200 جنسية في تسامح وانسجام لم تعكره حادثة طائفية واحدة، ولأول مرة في التاريخ تنشأ وزارة رسالتها تحقيق السعادة، وللمرة الأولى في التاريخ تنشأ وزارة للذكاء الاصطناعي، لضمان تحقيق الثورة الصناعية الرابعة.

لقد نجحت الإمارات في تقديم النموذج للعالم من خلال ما تم إنجازه على أرضها، ومن ثم عندما تدعو حكومات العالم ومفكريه ومنظماته الدولية إلى صناعة مستقبل يحقق مصالح الإنسان وسعادة الإنسان، والسلام للإنسان سوف يستمع لها العالم، لأنها لا تقول ما لا تفعل، وإنما تفعل أولاً وتنجح في فعلها ثم تعرض التجربة الناجحة على العالم.

في مقال للكاتب المصري في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 15 فبراير 2018 بعنوان «للإنسان لا الحكومات... قمة في دبي!»، كتب سليمان جودة «لا ترغب إمارة دبي منذ أن أطلقت قمة بهذا الاسم قبل ست سنوات، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في أن تستأثر بفلسفة قمتها لنفسها، ولذلك تدعو حكومات العالم في كل دورة جديدة من دورات القمة للإجابة عن هذا السؤال: كيف يمكن أن يكون الإنسان، بوصفه إنساناً فقط، هدفاً تعمل عليه حكومته طول السنة؟!» ويضيف الكاتب «سألتُ معالي محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء المسؤول عن أعمال القمة: في الإمارات وزارة للسعادة وجودة الحياة، ووزيرة تتولاها، هي معالي عهود الرومي.. فما المعنى؟! قال: هناك أكثر من معنى، ولكن قد يكون المعنى الأهم أن الإنسان السعيد لا يفجر نفسه في تجمعات الناس».

بهذا الوعي المتقدم يرى العالم العربي والعالم أجمع قيادة الإمارات، ونستطيع أن نقول إن رسالة الإمارات قد وصلت للعالم، وأدرك الجميع أن القمة العالمية للحكومات هدفها إعادة صياغة دور الحكومات في العالم بحيث تركز على الإنسان، وعلى سعادته، وأمنه وطمأنينته، وبحيث يكون الإنسان هو محور العمل الحكومي، وهذا هو المستقبل الذي تسعى إليه جميع البشرية.

ومن ذلك نستطيع أن نقول إن صناعة المستقبل قد انطلقت من الإمارات وستصل لكل بقاع الدنيا، مستقبل ينشغل بالإنسان وليس بالأشياء، بالسعادة وليس فقط بتراكم الماديات، بالتسامح وليس بتفوق عرق أو دين على الآخرين، هذا هو المستقبل الذي يحقق أهداف الإنسانية ويرضي الله سبحانه.