«لا توجد قوة في الحياة تغير المجتمعات نحو الأفضل أكبر من قوة الأمل، نريد أن نصنع أملاً جديداً لملايين الشباب العرب بأن لهم دوراً حقيقياً في خدمة مجتمعاتهم»، بهذه الرؤية الواضحة وضع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم محددات الطريق الصحيح أمام شباب شعوبنا العربية لتغيير الواقع من حولنا، ذلك الواقع الذي أحاطت به الكثير من الإشكاليات، ولفته سحب من الضباب حالت بين أبناء الشعوب العربية وبين الحركة الواعية الفاعلة لأنفسهم أولاً، ولمن حولهم ولمجتمعاتهم ثانياً، فحدثت حالة من التخبط كان ضحيتها الشباب بالدرجة الأولى، وهممهم التي فترت، وجهودهم التي وهنت، وطموحاتهم التي ذبلت، ودافعيتهم التي انتكست، غير أن ذلك أمر من الصعوبة بمكان أن يستمر، فكان نداء الأمل من عاصمة العطاء الإنساني «إمارات الخير».
والعطاء له أشكال كثيرة، وأبواب مختلفة، وعطاء الفكرة قد يكون أدوم وأقوى وأكثر أثراً من العطاء المادي، والفكرة عندما تكبر ويلتف الناس حولها حين يؤمنون بها لا شك أن مردودها المادي يكون أكبر وأدوم، هكذا بدأت رحلة صناعة الأمل من الإمارات، وهي نداء للشباب العربي لكي يكون له دور فاعل في بناء مجتمعه، وشحذ إرادة الفعل لديه، وإزالة الوجل والتردد، لاكتشاف ما لديه من طاقات كامنة، ربما لا يعرفها هو ذاته، وهو الأمر الذي أكده سموه حين قال «صناع الأمل نجحت في أن تظهر أجمل وأنبل ما في عالمنا العربي، وهي قوة الأمل الموجودة لدى شبابنا»، مضيفاً أنه «على الرغم من استشراء اليأس في منطقتنا فإن مبادرة «صناع الأمل» أكدت لنا أن عالمنا العربي بخير، وأن رجاله ونساءه مجبولون على فعل العطاء».
وفي تقديري أن قوة الفكرة في «صناع الأمل» تأتي من حاصل ضرب، وليس حاصل جمع، بمعنى أن قوة الفكرة التي ملكت على فرد ما حياته للدرجة التي لم يعد قادراً على عدم إنفاذها، هي التي جعلت لهؤلاء الشباب دوراً في التأثير فيمن حولهم، بتلك المبادرات التي قد يظن الفرد لأول وهلة أنها سوف تكون محدودة الأثر، عديمة الجدوى، غير أنه بتلك القوة للفكرة استطاع هؤلاء الشباب أن يجمعوا غيرهم حولهم من الذين يملكون طاقة من العطاء الإنساني جعلتهم يتغلبون على كثير من الصعاب، ويواجهون تحدي محدودية الإمكانات وضعف الأدوات بقوة العزيمة والإصرار، وكم من عزائم إنسانية كانت عوضاً عن نقص أدوات ونجحت في تحقيق أهدافها، ليكون تتوجيهم في محفل العطاء الإنساني كصناع للأمل، وما أجمل أن يكون الفرد صانعاً للأمل، وليكونوا نموذجاً يحتذى به أمام الشباب العربي وغير العربي.
فالأمل حاجة إنسانية لا تعرف لوناً أو عرقاً أو جنساً، من دونه تفقد الحياة قيمتها، وبه يعرف الإنسان الغاية من وجوده وقيمة حياته، والأمل هو طاقة النور التي تضبط حركتنا، عندما يداهمنا المرض نتحمله ونقاوم بالأمل في الشفاء، وعندما يشتد التعب يكون الأمل في غدٍ أفضل هو الذي يهون من تلك الحالة، الأمل هو الحلم القابل للتحقيق، ومن يحيا من دونه يكون قد كتب بيده نهاية حياته، حيث أكد سموه قائلاً: «نحن لا يمكن أن نحيا ونرتقي إلا بالأمل، وإذا فرّطنا بالأمل نكون قد فرطنا بالمستقبل وبأي فرصة لنا لاستعادة مجد أمتنا العربية»، مشيراً إلى أن «صناعة الأمل يجب أن تتحول إلى مقاربة مجتمعية شاملة على صعيد عالمنا العربي، خاصة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخنا».
وفي تقديري أن هذه الجهود الشابة التي حققت نجاحات على قدر الطاقة والقدرات، إذا ما تم النظر إليها بجانب بعضها البعض سنجد أنها بالأخير تمثل حالة كبيرة من الإرادة والأمل والعمل، وهو الأمر الذي يتطلب من المؤسسات الأهلية والخاصة أن يكون لها دور في رعاية تلك المبادرات ودعمها، كما أن على وسائل الإعلام أن تلقي مزيداً من الضوء على تلك التجارب، وأن تكون لها منصات تستطيع من خلالها أن تعرض تلك التجارب الفريدة، وأن تسوقها وتدعمها وتحولها إلى حالة مؤسساتية دائمة لا تقوم على الأفراد فحسب ولكن تضمن لها الاستمرارية والدوام. إن صناعة الأمل هي صناعة العصر، ولها ما بعدها من نجاحات وإشراقات، فخير لنا مرة وألف مرة أن نضيء شمعة بدلاً من أن نلعن الظلام.