احتلت طرق وشوارع الدولة المركز الأول عالمياً في الجودة للعام 2017، حسب تصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي «WEF»، تلتها طرق سنغافورة ثم سويسرا. ووصلت طرق الدولة للمركز الأول بفضل رعاية حريصة وتوجيه من القيادة الرشيدة، وجهود مخلصة من الجهات المعنية بالطرق في الإمارات.
والناظر للأمر يرى أن جودة الطرق وصيانتها المستمرة وسلاسة ارتباطها ببعض لخدمة مرتاديها وجماليتها، يدخل ضمن معايير التصنيف، إلا أن المرتاد للطرقات والشوارع لدينا قد يلاحظ فجوة كبيرة بين جودة الطرق وثقافة مرتاديها المرورية، إذ من الواضح عند الكثير من المراقبين للوضع ضعف الثقافة المرورية، والسلوكيات التي لا ترتقي لمستوى جودة الطرق والخدمات التي تقدمها طرق وشوارع الدولة، وبالتالي لا تصل تجربة القيادة في طرقنا لمستوى جودة الطرق.
وقد تؤثر هذه الإشكالية على أمور عديدة، منها تجربة السائح وقدوم الكثير من رجال الأعمال لقيادة السيارات، وحضور الفعاليات المختلفة التي تحتضنها مدن الدولة، وأمور أخرى. وكأني أميل للادعاء هنا بأن الثقافة المرورية لدينا من السوء بمكان يجعل من قيادة السيارات تجربة سيئة في وقت ما زال الكثيرون لا يجدون أي رغبة لاستخدام وسائل النقل الجماعي، ونتيجة لذلك نحن أحوج ما نكون إلى إحياء جهود التوعية المرورية وإعطائها الأهمية التي تستحقها والتسويق لها بشكل أقوى.
ولا يخفى على أحد التنوع الثقافي الموجود في الدولة، الذي قد يشكل تحدياً لجهود التسويق، إضافة إلى الأعباء المادية التي قد تتكبدها الجهات المعنية. كما لا يخفى على الكثيرين حجم التحدي الذي سيواجه جهود التسويق والتوعية المرورية، وخصوصاً جهود إيصال الفكرة للجميع في ظل وجود خلفيات لغوية عديدة وثقافات مختلفة وغير متجانسة، إلا أنها (أي جهود التوعية المرورية) أصبحت ضرورة لتحسين التجربة المرورية في الدولة، وبالتالي تحسين جاذبية مدن الدولة مرورياً لمرتاديها من مقيم وزائر.
لا يوجد تقصير من أي جهة محددة لأننا أمام سيناريو خاص بالثقافات، فلابد من النظر لهذا الموضوع من زوايا عدة لردم الفجوة بين جودة الطرق من ناحية، وسوء سلوكيات مرتاديها من ناحية أخرى. ومن الضروري تضافر الجهود على جميع الأصعدة والمستويات وبذل جهود مجتمعية كبيرة، تطوعية وغير تطوعية، وإشراك القطاع الخاص في جهود التوعية المرورية لتغيير السلوك الطرقي والثقافة المرورية.
ويأتي من الضرورة بمكان سن القوانين والتشريعات الملائمة لكي تستطيع التشريعات مواكبة التنمية، ويبقى الأهم من هذا كله مراقبة تطبيق القوانين بصرامة لضمان تغيير السلوك المروري للأفضل وبطريقة نهائية.