عندما زار البروفيسور الأميركي فيليب كاتلر الإمارات قبل أعوام عدة وتحدث عن تصوره للتسويق في المستقبل (لغاية العام 2020) ظننا أنه أحد المتنبئين بالمستقبل أو أحد المطلعين على أجندات دولية خفية، وادعى البعض أن الرأي الأخير قد يندرج ضمن مفاهيم «نظرية المؤامرة» مع أن كتب البروفيسور كاتلر تدرس في الجامعات، ويلقب بـ«أب التسويق الحديث»، فهل تفوقت شعوب الشرق في استيعاب نظرياته وفهم كتبه أكثر من الأميركيين أنفسهم؟

ما طرحه البروفيسور كاتلر في جزئية التسعير يتلخص باختصار شديد في ضرورة مراعاة ظروف المستهلك والتعاطف معه، بل وأخذ رأيه في تسعير المنتجات الجديدة بما يناسبه. ولم يكن هذا الطرح يلقى قبولاً آنذاك، إلا أنه الآن بدأ دخول حيز التنفيذ التلقائي عند الشركات التي تخوض منافسة شرسة.

وما بدأت تقوم به شركتا أبل وهواوي في التسويق مؤخراً ليس إلا جزءاً مما طرحه البروفيسور كاتلر في كتبه التسويقية، وبالذات حين تحدث عن التسعير وضرورة إشراك المستهلك وأخذ رأيه في تسعير المنتج.

بدأت هواتف هواوي الصينية الانتشار على حساب آي فون والسبب الواضح في ذلك هو تنافسية السعر لهواوي مع كون المنتج جيداً ويقدم كل ما يقدمه هاتف أبل وبنفس مزايا هواتف أبل تقريباً، لذلك بلغت حصة هواوي من شحنات الهواتف هذه السنة 54 مليون هاتف بنمو قدره 41% عن السنة التي تسبقها، وذلك حسب أرقام شركة الأبحاث الدولية أي دي سي.

وهبطت مبيعات شركة أبل من الهواتف من المرتبة الأولى دون منازع إلى المرتبة الثالثة بعد سامسونغ وهواوي، التي أخذت تغزو الأسواق الأفريقية والأوروبية بسبب أسعارها المناسبة وجودة هواتفها.

يقول بعض المحللون إن أبل لم تأخذ في الحسبان ظروف المستهلك وقدرته الشرائية وطرق التسعير (التي أشار لها البروفيسور كاتلر) فكانت النتيجة هبوط مبيعات هواتف أبل بعد ريادة سوقية دامت سنين، وأرباح كانت وما زالت تعد الأقوى في السوق، لكن إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ وهل ستحاول شركة أبل جاهدة العودة إلى القمة من حيث عدد الأجهزة أم عبر التسعير المرتفع؟ وهل ستأتي الأرباح عن طريق الاستحواذ على شريحة أقل حجماً لكنها أكثر قدرة شرائية وثراء للبقاء على قمة سلم الأرباح، أم ستدخل الشركة في منافسة شرسة مع هواوي وسامسونغ على مختلف الشرائح السوقية؟ ستتضح في الفترة القريبة الأجوبة عن هذه الأسئلة.