قبل فترة كنت في استقبال وفد من إحدى الدول وكانوا في قمة الإحراج من وصولهم متأخرين للاجتماع، إذ ليس كما قالوا من عادتهم التأخير وارتكاب الخطأ في تقدير الوقت المطلوب للوصول للجهة المطلوبة، وخصوصاً لأنهم زوار لدبي وفي مهمة عمل مضغوطة. اعتذر الوفد الزائر عن التأخير وبدأ الحديث عن جودة الطرق لدينا وتشعبها وجمالها وكون البنية التحتية للطرق هي أحد أفضل شبكة طرق في العالم أجمع.
لم نخض كثيراً في أسباب التأخير منعاً للحرج، إلا أن الملاحظات كانت واضحة من قبل الوفد الزائر بأن أهم العوائق للتأخير كان سلوك أصحاب المركبات! وقد يكون هناك أسباب عدة لزحمة الطرق منها النمو الحضري السريع، وقلة استخدام المواصلات العامة من قبل بعض الفئات المهيأة لذلك، والعديد من الأسباب الأخرى، إلا أن الملحوظ من خلال النقاش أن أهم سبب تمت الإشارة إليه (من ضمن الأسباب الأخرى) هو سلوك ومهارات سائقي السيارات.
تكفي نظرة سريعة لجودة الطرق في دبي لكي يعرف المرء أن دبي تتمتع بأحد أفضل شبكة طرق في العالم، إلا أن التجربة القيادية على أرض الواقع تعطي انطباعاً آخر، إذ لا يرتقي سلوك مرتادي الطرق في معظم الحالات إلى جودة الطرق وتشعبها أو الاستثمار الذي تم تخصيصه لها، سواء لإنشائها أو لصيانتها.
فأجمل الطرق في دبي لطالما أظهرت لنا تجارب مرعبة من نماذج قيادة أقل ما يقال عنها إنها لا تفهم معنى الإشارات الموضوعة في الطرق ولا أبسط مبادئ القيادة. فهناك العديد من الفئات التي لم تجد معها صرامة قوانين استخراج رخصة القيادة، أو كثرة الرادارات الموضوعة، فهي مجرد فئة تنظر للطريق وكأنها ملكته ولا يهمها من هو خلفها أو يمينها أو يسارها، فطالما ليس هناك أية روادع فالشارع ملك لها.
قد يكون سن القوانين الصارمة مع توعية مرورية مدروسة هما المخرج، فالأمر لم يعد قضية محلية، إذ من الواضح أن الطرق تعطي أول الانطباع (بعد المطار) عن الدولة فهي إحدى وسائل التسويق للإمارة.
فإذا لم يواكب تطور الطرق الإنشائي، تطور وسلوك قيادي يرتقي لشبكة طرق صنفت الأفضل في العالم، فهناك خلل وآن الأوان لعلاجه. لابد من الاستمرار والتكرار في التوعية المرورية وإصدار القوانين والتشريعات التي من خلالها نضمن وصول السلوك القيادي للسائقين إلى مستوى الطرق.