قال شاعرنا الكبير أبو الطيب المتنبي في مدح القيادة العربية الأصيلة المتمثلة في زمانه بسيف الدولة الحمداني:

أراك في الذين أرى ملوكاً كأنك مستقيم في محال

فإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزالِ

فكان أبو الطيب المتنبي يمتدح استقامة سيف الدولة الحمداني في زمن المحال (وهو الاعوجاج) وعدم الاستقامة والخراب، فبالنسبة للمتنبي يأتي سيف الدولة الحمداني القائد والفارس العربي الشجاع والشهم الكريم الذي لا يجب أن يندهش العرب من وجوده بينهم بالطريقة نفسها التي يجب على العرب ألا يندهشوا بوجود المسك في دم كبد الغزال.

فكان هذا الامتداح النابع من صميم قلب المتنبي، الذي أثرى الأدب العربي والعالمي بقصائده المبدعة، يأتي في زمن لم يكن بعض العرب يتوقعون فيه وجود من يعشق التحدي ويسن القوانين التي تصب في مصالح الأمة، والأهم من ذلك يتوقع العرب آنذاك وجود قادة تذود عن الأمة العربية والإسلامية بتلك الشجاعة في زمانهم، ذاك الذي افتقد لتلك النماذج من منظورهم، إلى أن رأوا سيف الدولة الحمداني يهزم الروم ويحمي حمى الأمة بكل ما أوتي من قدرة وشجاعة وعلى جميع الأصعدة والمجالات.

ونحن حالياً في زمن وتحت إمرة قيادة تذكرت من سيرتها قصة المتنبي تلك التي ما زلنا نتكلم عنها في زماننا هذا الذي نعيشه، فما أشبه الليلة بالبارحة. نحن الآن إن أردنا لأبنائنا التميز والعمل الدؤوب ضربنا المثل بأصحاب السمو حكام الإمارات وحفزنا أبناءنا بتلك القدوة ولطالما نجحنا. والسبب في هذا النجاح هو وجود القدوة الواقعية والحقيقية التي تضرب المثل بالعمل الدؤوب وباستمرار، في خدمة الوطن والمواطن والمقيم، على حد سواء.

تأتي المبادئ الثمانية ووثيقة الخمسين التي أعلن عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تجسيداً لرقي فكري في القيادة، وطالما سألت نفسي وأبنائي هل نحن كأبناء مخلصون لهذا الوطن وهل اكتمل عطاؤنا وتميزنا؟ ودائماً ما تكون الإجابة متأرجحة! نحن ما زلنا كأبناء لهذا الوطن أمامنا الكثير لنعطيه لوطننا ولقيادتنا الرشيدة، والكثير لنتعلمه، وأول ذلك إتقان لغتنا العربية التي هي هويتنا والمضي قدماً على نهج و«سنع» الأجداد، والتمسك بكتاب الله وهدي نبيه المختار صلوات الله عليه، والكثير الكثير من الأمور الأخرى، ولنضرب بذلك أفضل الأمثلة للمواطنة الصالحة والمخلصة للقيادة الرشيدة. وكل «خمسين سنة وأنتم وقيادتنا بخير»، وعساها سنة خير علينا أجمعين.