دبي تُنهي الدرس السابع

ت + ت - الحجم الطبيعي

على مدى ثلاثة أيام من الأسبوع الماضي انعقدت بدبي القمة العالمية للحكومات في دورتها السابعة بمشاركة ما يزيد على 4000 شخص يمثلون حكومات ومنظمات عربية ودولية وشركات ومراكز أبحاث وجامعات ومؤسسات إعلامية، بينهم رؤساء دول، ورؤساء حكومات ووزراء وكتّاب وأساتذة جامعيون وباحثون، 600 متحدث خلال 200 جلسة من 140 حكومة و30 منظمة، تحدثوا وتحاوروا بـ 8 لغات عالمية. بمعنى آخر العالم كان هنا.

جاؤوا إلى الإمارات التي تمثل وجهة عالمية لرسم مستقبل الإنسانية، وتسعى إلى دراسة حلول ممكنة لحياة متكاملة هدفها جودة حياة الإنسان، وتطوير العمل الحكومي من خلال غرس ثقافة الابتكار وترسيخها، وتطوير المجتمعات وبناء مدن المستقبل، بوضع خطط، وتبني عقلية وثقافة عمل تؤهل لذلك. فهي جسر المستقبل واستشراف لآفاق هذا المستقبل، وطرح المهارات المتقدمة منهج حياة ووسيلة لبناء المستقبل.

وكما جاء على لسان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «القمة منصة لقادة الدول وإطلاق مبادرات تسهم في مستقبل وعمل الحكومات، فعندما يكون مستقبل الإنسان هو الأهم تتحول الجهود إلى جهود دولية لأن مهمة الحكومات مواكبة التغيرات والاستعداد للمستقبل».

ولقد سعت القمة إلى خلق منصة لجذب الاستثمار وتوسيع مساحات الشراكة الأجنبية لبناء شراكات عالمية. وفقاً لما صرح به صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حول القمة قائلاً: «أصبحنا أهم مركز للتطوير والابتكار بالمنطقة. وتأتي القمة لتكون ملتقى للعقول المبدعة والمبتكرة لصياغة مستقبل العالم، والحكومات الناجحة هي التي تترجم الابتكار والتجارب والتصورات المستقبلية إلى برامج عمل».

وانطلاقاً من تلك المبادئ ناقشت القمة العديد من التجارب المحلية والدولية التي تصبّ في أهمية تفهّم تحديات القرن الحالي، والإفادة من الحكومات الرقمية التي هي أساس التطور، وتم استعراض المبادئ الرئيسية لمدن المستقبل، ومستقبل الملكية الفكرية والذكاء الاصطناعي والتوازن بين الجنسين بوصفه مشروعاً عالمياً، وتكافؤ الفرص والاستثمار في البنية التحتية، والتسامح الديني، والتأهيل لوظائف المستقبل، وتطوير هياكل العمل الحكومي، والتغيرات المتوقعة في القطاع الصحي، والتكنولوجيا ومستقبل القدرات البشرية، ودور الشباب كقوة للتنمية، والمياه والطاقة والأمن الغذائي، والتنقل الذكي.

ويتضح كل ذلك من قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: «الإمارات وجهة عالمية لتطوير النماذج التنموية. لأنها بيئة جاذبة للقول والكفاءات». وقول سموه: «نعيش تحولاً تاريخياً في العمل الحكومي يتطلب مواكبة التغيرات المتسارعة والاستعداد بالعلم والمعرفة». وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد: «الإمارات أصبحت أهم مركز للابتكار، وتجربتها الحكومية تنافس العالمية ونعتز بدور دبي في استقطاب العقول وإطلاق المبادرات لخدمة شعوب العالم».

ها هي دعوة لحكومات وشعوب العالم وعلى وجه الخصوص دولنا العربية للاستفادة من هذه القمة الحكومية كمنصة لتبادل الخبرات؛ لأنها أجندة سنوية ثابتة في جدول الخبراء القياديين في العالم، تسد فراغاً كبيراً. وبدلاً من إيفاد الوفود وفرق العمل إلى دول العالم المختلفة للإفادة من برامجها.

فالقمة تأتي بجلّ الخبرات والمبادرات الجديدة والمطبقة على مستوى الحكومات والشركات، والتي تؤهل للانتقال من الثورة الصناعية الرابعة إلى ثورة الابتكار والخيال، اللذين يمثلان اقتصاد المستقبل، لما فيه خير المواطنين، فإن أي حكومة لا يمكنها ممارسة عملها دون أن تأخذ في الاعتبار مصلحة مواطنيها.

في ظل هذا الخضم من تجارب العالم، تركز الإمارات على القيم الأصيلة ركيزة أساسية لحاضر ومستقبل مجتمعها، كما جاء على لسان سمو الشيخة مريم بنت محمد بن زايد، والذي يؤكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بقوله: «دبي مدينة التقدم الحضاري والتنوع الثقافي مع حفاظها على هويتها الإسلامية بكل فخر».

انتهت الدورة السابعة للقمة بعد أن قدمت حلولاً إيجابية لما تعانيه دولنا العربية في قضايا الإدارة والاقتصاد والعمل الاجتماعي مستفيدة من العقول العربية وتجارب الأمم الأخرى. أستطيع القول جازماً إن الرؤى والأفكار المطروحة ليست تنظيراً وإنما هي واقع ملموس، وتجربة تمثلها دبي الأنموذج الرائع، فهي المركز الأفضل لأفضل الممارسات، والإمارات تضع خبراتها في هذا الإطار لمساعدة الأصدقاء.

 

Email