48 ساعة قضيتها في مؤتمر ميونيخ للأمن مشاركاً مع الوفد الإعلامي المصري الرسمي.
الأمن القومي العربي كان حاضراً بقوة في كلمة ومداخلات الرئيس عبد الفتاح السيسي فقد شملت كلمته الملفات المسكوت عنها والقضايا الشائكة، لا سيما مكافحة الإرهاب الذي يهدد العالم بأكمله وليس أوروبا والعرب فقط.
مؤتمر ميونيخ للأمن جاء مواكباً للقمة العربية - الأوروبية التي تعقد حالياً في شرم الشيخ مدينة السلام ويشارك فيها 50 دولة عربية وأوروبية. المؤتمر والقمة حدثان مهمان في الحسابات الاستراتيجية المهمة للمنطقة العربية.
بالنسبة للمؤتمر فللمرة الأولى منذ تأسيسه عام 1963 يلقي كلمة الجلسة الافتتاحية رئيس دولة من غير الدول الأوروبية، وهذه رسالة قوية تؤكد المساحة التي وصلت إليها القيادة المصرية، ومن ثم الدول العربية، فقد جاءت كلمة الرئيس السيسي أمام قادة وزعماء العالم، كاشفة هموم الشرق الأوسط، والمخاطر التي تتعرض لها أوروبا، لتأتي الكلمة مواكبة تماماً لما يموج به العالم ولما تموج به أوروبا من تحديات مشدداً على أن ظاهرة الإرهاب تؤثر على أمن الكثير من الدول والعالم اذا لم يتم التعامل معها بشكل متكامل من خلال تعاون دولي حاسم، متسائلاً: من الذي يقوم بتحريك المقاتلين الأجانب من دولهم إلى منطقتنا؟ ومن يمدّهم بالسلاح والأموال ويدعمهم سياسياً.
كما ذكّرهم بما قاله قبل أربع سنوات بأهمية تصويب الخطاب الديني وكانت أول مرة يطلب رئيس دولة إسلامية هذا الطلب لأن عدم تصويب هذا الخطاب ستعاني منه الدول المسلمة والعالم، ودلل على ذلك بما يعيشه العالم جراء تأثير الفكر المتطرّف على الأمن والاستقرار في منطقتنا وفي أوروبا والعالم كله.
أما فيما يتعلق بمؤتمر ميونيخ وعلاقته بالقمة العربية الأوروبية، فلا شك أنه كان هناك اهتمام واسع من قبل المشاركين بما تشهده قمة شرم الشيخ، والرئيس السيسي قطع الطريق أمام الجميع، وقال أمام العالم إن الحوار العربي - الأوروبي تاريخي، فالعالم العربي يعد الشريك الأول لأوروبا مما يتطلب مزيداً من الحوار ليس فقط في الجانب الاقتصادي، وإنما أيضا النواحي الأخرى، والمؤتمر خطوة مهمة لتطوير العلاقات بين الجانبين.
إن الاستقرار والأمن في المنطقة العربية يتأثر بالاستقرار والأمن في أوروبا والعكس، وبالتالي فإن عدم الاستقرار في بعض الدول العربية، كان له أثر كبير على أوروبا، ومن ظواهر ذلك حركة الهجرة غير الشرعية ونزوح مواطنين هرباً من النزاعات في المنطقة نحو أوروبا. وبالتالي نحتاج المزيد من الحوار والتنسيق لإيجاد أرضية لمعالجة الموضوعات المختلفة، لذا فإن مؤتمر شرم الشيخ فرصة وخطوة أساسية ستعقبها خطوات أخرى.
أمام قوة رسالة الرئيس السيسي التي كانت حاسمة أمام العالم في ربط استقرار الأمن القومي الأوروبي باستقرار الأمن القومي العربي نجد أن الرئيس الروماني، والرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي كلاوس يوهانس، يقدم شكره للرئيس السيسي على تنظيم هذه القمة العربية - الأوروبية في هذا التوقيت في البلد الصحيح، مؤكداً الحاجة إلى تعاون أعمق وأكبر ولدينا العديد من الأطر الأوروبية العربية التي تغطي العديد من المحاور، ولكن حان الوقت لعقد قمة يشارك فيها القادة الأوروبيون والعرب، وحل جميع المشاكل بالعمل والحوار المشترك، إزاء أزمات المنطقة والهجرة والتنمية الاقتصادية والتعاون الاقتصادي والأمني، ومعاً نستطيع الوصول إلى أفضل السبل للوصول إلى أفضل الحلول.
ما عشناه من قوة التمثيل المصري في مؤتمر ميونيخ للأمن يتطلب من العرب جميعاً البناء عليه في الحوار الأوروبي واستثمار قرارات وتوصيات هذه القمة، لا سيما أنها القمة الأولى تاريخياً التي تأتي فيها أوروبا إلى العرب.